أولا: آثار
النزاعات المسلّحة على معاهدات حقوق الانسان: (دراسة في أعمال لجنة القانون الدولي):
د.
محمد عدنان علي الزبر
النزاعات المسلحة ومعاهدات حقوق الانسان
نقيضان حين يلتقيان
اعتادت الادبيات القانونية المعنية
بدراسة القانون الدولي العام، أن تعتمد مصطلح الحرب كحالة من حالات انهاء المعاهدات
الدولية أو تعليق نفاذها، مستندين الى ممارسات دولية كثيراً منها نالها التعديل
والتغيير، وحل محلها ممارسات ومبادئ أكثر اتزانا واستقرارا ليتفق مع واقع القانون
الدولي الحالي وطبيعة أحكامه الموضوعية والامرة، فلم يعد اللجوء الى القوة المسلحة
أمراً يجيزه القانون المذكور إلا اللهم اذا كان من باب الدفاع عن النفس أو تنفيذا
لقرار مجلس الامن بموجب أحكام البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، ولم يعد مصطلح
الحرب مستخدما في الادبيات والممارسات القانونية الدولية في ايامنا هذه، فقد عفى
عليه الزمن وحل محله مصطلح النزاع المسلح ARMED CONFLICT، وما رافق
ذلك من تغير جذري في المفاهيم والاحكام القانونية، وكذلك الحال بالنسبة للمعاهدات
الدولية فلم تعد جميعها بمركز قانوني واحد تخضع جميع أحكامها لإرادة الدول متى ما
شاءت تخلت عنها.
ان حقوق الانسان والمعاهدات المعنية
بتنظيمها لا يمكن لها أن تُطبق كما يُراد لها إلا اذا توفرت
الظروف المناسبة لذلك ومن تلك الظروف هو السلام والاستقرار الاجتماعي وسيادة
القانون، أما النزاعات المسلحة فهي خلاف ما تطمح له الشعوب الراغبة بكامل حقوقها
وكرامتها، وعلى الرغم من ذلك فإن اندلاع نزاع مسلح هنا أو هناك لا يعني سيادة
الفوضى وغياب القانون، هذه المعادلة الصعبة لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن
نفاذ أحكام حقوق الانسان في مجتمعات النزاع المسلح.
ثانيا:
دور القضاء الوطني في تحقيق العدالة الجنائية الدولية: (استقراء الممارسات الوطنية
والدولية):
د.
محمد عدنان علي الزبر
لو قُدر لي ان أصيغ لهذه الدراسة شعاراً فان الشعار الذي سأختاره هو الاتي: "ان العدالة الجنائية الدُولية ليست مطلقة كعادتها بغض النظر عن مصادر تطبيقها وقنوات تعزيزها، لها مالها وعليها ما عليها" ولذلك لسنا بصدد القول ان العدالة الجنائية الدولية لَبَت الطموح الانساني وأنصفت ضمائر المستضعفين في الارض وأجبرت ضرر الضحايا جميعا وعاقبت كل المتهمين في العالم بارتكاب الجرائم الدُولية بعد ثبوت الادلة بإدانتهم!.
ولكن: يمكن القول ان القضاءين الوطني والدولي
ساهما ويساهما في تحقيق العدالة الجنائية الدولية تطبيقا وتعزيزا كلما سنحت الفرصة
وفرضت الارادة الانسانية كلمتها ولو بعد حين، وهذه المهمة على نسبيتها لا يمكن
الاستهانة بها أو التقليل من شأنها على الاطلاق، فلو امكن لنا التشبيه لشبهنا من
يحقق العدالة الجنائية الدولية اليوم كمن يستخرج الضحية من انياب السباع، ويصارع
الواقع الملبد بالسياسة والمصالح الدُولية المتعارضة بطموح انساني واعد وأدوات
قانونية محدودة!
اما بشأن موضوع
دراستنا ففي الوقت الذي نقر فيه بالدور الذي يمارسه القضاء الدولي في تحقيق
العدالة الجنائية الدولية نجد ان معظم الادبيات القانونية انشغلت بالبحث والدراسة
للحديث عن دور هذا القضاء وحده ، حتى ساد مفهوم التلازم بين القانون الجنائي
الدولي والقضاء الدولي، فلا قانون جنائي دولي ولاعدالة جنائية دولية بلا قضاء
دولي!، وانعكس هذا التلازم على مفهوم العدالة موضوع الدراسة بشكل كبير، رغم ان
للقضاء الوطني دوراً لا يمكن التغافل عنه أو نكرانه، وبذلك يحاول الباحث بعد اعادة
صياغة مفهوم العدالة موضوع الدراسة (بتعريفها و ذكر خصائصها)، ودراسة نطاقها
الشخصي والموضوعي، ليؤكد بعد ذلك الدور الذي يمارسه القضاء الوطني في تحقيق تلك
العدالة تطبيقا وتعزيزا.
ثالثا:
تفجيرات داعش في العراق: جرائم بقصد الابادة الجماعية: (جريمة تفجير الكرادة لسنة
2016 أنموذجا):
د.
محمد عدنان علي الزبر
بالكلمات التالية سنختصر لكم جريمة تفجير الكرادة
بتأريخ الثالث من تموز سنة 2016 ميلادية المصادف 28 رمضان من سنة 1437
هجرية، اكتظت شوارع الكرادة كعادتها بالعوائل العراقية حتى تكاد أن ترى كل أهالي
بغداد فيها، يلجئ لمطاعمها العراقيون ليتناولو وجبة السحور استعداد لصيام يومٍ
جديد، ولأسواقها ليتبضعوا منها ملابسهم وملابس أطفالهم وهداياهم ابتهاجا بقدوم العيد
السعيد! الذي لم يبقى عنه سوى يومين.
حصل التفجير واندلعت نيرانه المشؤومة فأُبيدت عوائل بأكملها رجالا ونساء
وأطفال، وتحولت شوارع الكرادة الى مجرا للدماء البريئة، وأبنيتها العريقة مصداً
للأشلاء والارواح، فحلت محل الفرحة ألواحا من السواد غطت أحياء الكرادة وبغدادُها،
خُط عليها عبارة: انتقل الى رحمة الله تعالى شهيد الكرادة!، بعدها رُفعت تلك الألواح
(قطع الموت السوداء) وحل محلها ألواحا أخرى لا تقلُ بئسا عن سابقتها كُتب فيها:
هذا الدار للبيع أو الايجار!.
·
لماذا تريدين بيع دارك
يا سيدتي؟: لأن لي أربع أولاد وأبيهم جميعهم قُتلوا في تفجير الكرادة ولا أستطيع
مع هذا الدار أن أتحمل وجعي!.
·
لماذا تريد هجر دارك يا
سيدي؟: لان لي عائلة فقدتُها في تفجير الكرادة وبقائي فيه يقتلني كل يوم!.
·
لماذا يريد الاطفال ترك
الدار الذي يسكنوه؟: لان أبويهم قتلوا بتفجير الكرادة ولا راعي ولا معيل لهم سوى
دار الايتام!.
فقدوا في دارهم أهاليهم وأحبتهم، فتوارت أرواحهم وقلوبهم عن ديارهم، فمنهم
من غادر العراق وجعا ومنهم من لازال يعاني هذه الذكرى الاليمة!.
الى أرواح من قُتلوا... الرحمة والرضوان
ومن جُرحوا وفقدوا أحبتهم... الصبر والسلوان
د. محمد عدنان علي الزبر
فما حصل مع كورونا وما بعدها من انكماش اقتصادي خطير وأزمة انسانية قاسية سيعطي
للشعوب دراسا لا ينسوه طويلا يدفعهم الى الانحسار الوطني وغلبة السيادة، والبحث
جليا بالحلول الوطنية دون التعويل كثيرا على المواقف والادوات الدولية، إلا
اللهم اذا كان موقف الدول مختلفا تماما وهي تواجه الازمة الاقتصادية والانسانية
المعاصرة واللاحقة لوباء كورونا، فذلك يبقى رهن الايام القادمة وما تخبئه من
احداث؟.
خامسا:
محاضرات في قانون العمل العراقي الجديد رقم 37 لسنة 2015:
د.
محمد عدنان علي الزبر
لماذا قانون العمل؟!
في أواخر سنة 2015 ونتيجة التظاهرات الشعبية في العراق التي
خرجت بين الفينة والاخرى وحزمة الاصلاحات التي شرع رئيس مجلس الوزراء حينها استجابة
لضغوطات الجماهير العراقية وموقف المراجع الدينية الداعية للإصلاح، بعدما لاح العجز
المالي للدولة في الافق وظهرت علامات الخيبة من استيعاب الالاف الشباب العاطلين عن
العمل، وتصريح رئيس مجلس الوزراء في اكثر من مناسبة على ضرورة تفعيل القطاع الخاص ودعمه،
فكان نتاج هذه التظاهرات وتلك التصريحات والمواقف والضغوطات ان قام مجلس النواب العراقي
بتشريع قانون العمل الجديد رقم 37 لسنة 2015 ليحل محل سابقه القانون رقم 71 لسنة
1987 وعدد من القرارات ذات الصلة، فدخل القانون الجديد حيز النفاذ بعد ثلاثة اشهر من
تأريخ نشره في الجريدة الرسمية (الوقائع)، على اعتباره نُشر بتأريخ 9 / 11 / 2015،
وما كان من كاتب هذه السطور إلا ان يُسارع في شرح أحكام هذا القانون حتى قبل ان يدخل
حيز النفاذ وتدريس هذه الاحكام الى طلابه في إحدى كليات القانون العراقية ظنا منه ان
العراق بعدما أُثبت عجزه المالي بسبب حربه ضد داعش واستشراء الفساد سيتجه بما لا يُثير
الشك الى القطاع الخاص، لآنه الامل الوحيد الذي يمكن التعويل عليه في حل الازمة والسير
قدما بهذا البلد نحو تطوير ادواته في التعامل مع القطاع الخاص والعاملين فيه، لاستيعاب
آلاف العاطلين عن العمل والدفع بعجلة الاستثمار الى الامام من خلال توفير البيئة الملائمة
للاستثمار الوطني والاجنبي من جانب، ومن جانب اخر توفير الضمان الكافي للعامل ليجد
لنفسه الاستقرار في العمل وبذلك يغنيه عن البحث عن التوظيف في دوائر الدولة لما سيجده
في القطاع الخاص من ميزة مالية أفضل وحقوق مُصانة بموجب قانون العمل فضلا عن الضمان
الاجتماعي الذي يوفر له الحياة الكريمة اذا ما اصابته احدى المخاطر الاجتماعية التي
تستوجب الضمان عنها.
Comments
Post a Comment
يرجى مشاركة ارائكم ومقترحاتكم