نـحــو قضــــاء عراقـــــــي مـــزدوج فـعـــــال[1]؟
مقال نُشر عام 2013 أي قبل التعديلات التي طرأت ليتحول بموجبها مجلس شورى
الدولة الى مجلس الدولة وبعدما أصبح هيئة مستقلة بعدما كان تابعا لوزارة العدل.
يقصد بالقضاء المزدوج هو ان يكون هنالك جهتين قضائيتين مستقلتين:
(1)جهة القضاء العادي : والتي تختص بالفصل في المنازعات التي تنشء بين الافراد
او بينهم وبين الادارة عندما تكون الادارة تتصرف كشخص من اشخاص القانون الخاص (اي
ليست باعتبارها صاحبة سلطة ) ولعل من ابرز محاكم هذا النوع من القضاء كما هو معروف
محكمة البداءة , محكمة الاحوال الشخصية ,...الخ.
ورأس الهرم الاداري لهذا القضاء هو مجلس القضاء الاعلى اما رأس هرمها
القانوني ومرجعها في النظر في الطعون هو محكمة التمييز.
(2)جهة القضاء الاداري: والتي تختص بالفصل في المنازعات التي تنشئ
بين الافراد والادارة عندما تظهر الاخيرة (الادارة) بصفتها صاحبة السلطة ومن ابرز
الهيئات التي تندرج لمثل هذا النوع من القضاء هو محكمة القضاء الاداري ومجلس انضباط موظفي الدولة ورأس الهرم الاداري
لهذا القضاء هو مجلس شورى الدولة والذي
أصبح مستقلا بعد التعديل الاخير بعدما كان تابعا لوزارة العدل اما رأس هرمها
القانوني ومرجعها في النظر في الطعون هي الهيئة العامة والتي تمارس مهام واختصاصات
محكمة التمييز والمنصوص عليها في قانون المرافعات، وان ما يتميز به القضاء الاداري
هو سرعة الفصل في المنازعات الادارية والبساطة في الاجراءات ضمانا لحسن سير
المرافق العامة ,ونظرا لهذا التميز الذي يتصف به القضاء الاداري فقد تم انشاء هذا
النوع من القضاء في العراق بصدور القانون 106 لسنة 1989 والذي يعد التعديل الثاني
لقانون مجلس شورى الدولة العراقي.. وبالتالي يكون العراق بعد صدور هذا القانون قد
اتجه ليأخذ بنظام القضاء المزدوج.
الا ان ما يؤسفنا ان مثل هكذا قضاء لم يفعل بالشكل المطلوب ولم يأخذ دوره
الفعال وذلك نظرا لتحجيم دوره المكاني والموضوعي, فبالرغم من ان قانون مجلس شورى
الدولة العراقي قد نص على (تشكل محكمة تسمى محكمة القضاء الاداري في مجلس شورى
الدولة ويجوز عند الاقتضاء تشكيل محاكم اخرى للقضاء الاداري في مراكز المناطق
الاستئنافية ببيان يصدره وزير العدل بناء على اقتراح من هيئة الرئاسة في مجلس شورى
الدولة ينشر في الجريدة الرسمية) وفقا للمادة ( 7/ثانيا/أ) من القانون الا انه لم
يتم تشكيل محكمة قضاء اداري تنظر في الطعون في القرارات الادارية في المناطق
الاستئنافية في المحافظات وبقي مقر محكمة القضاء الاداري الوحيد في مجلس شورى
الدولة في بغداد الامر الذي يصعب اللجوء اليها في ظل تزاحم القرارات الادارية التي
تؤثر في مراكز الافراد فضلا عن ذلك فإن جهل المواطنين القانونية بوجود مثل هكذا
قضاء يجعلهم يلجئون الى القضاء العادي (البداءة) عند تعرض مراكزهم الى التأثر
نتيجة القرارات الادارية المجحفة وكما هو معلوم ان القضاء العادي هو قضاء امتناع
لا الغاء وهذا ما يجعل القرار الاداري المجحف والمخالف للقانون باقيا نافذا بحق
الاخرين من الافراد في حين ان القضاء الاداري يقوم بإلغاء هذا القرار عند مخالفته
للقانون وارساء مبدأ المشروعية واحترام التدرج القانوني وبالتالي سيادة القانون
وتوفير الاحترام له.
ولذا ومن خلال ما تقدم هي رسالة استغاثة اوجهها الى:
أولا: المحامون والحقوقيون وعلى رأسهم نقابة المحامين واتحاد الحقوقيين: بأن يقوموا بإرسال طلب الى هيئة الرئاسة في
مجلس شورى الدولة ووزير العدل لاتخاذهم اللازم لتشكيل محاكم للقضاء الاداري في
المناطق الاستئنافية لتسهيل الرجوع اليها ليتم بذلك تحقيقا للمشروعية وتفعيلا لدور
القضاء الاداري في العراق والارتقاء بالقرارات الادارية والحد من الجائرة منها والمتعسفة
والتي تأثر سلبيا على مراكز الافراد وبالتالي الحيلولة دون احقاق الحق وارساء العدل.
ثانيا: القضاة : من خلال ضم صوتهم الى صوت اخوتهم المحامين والحقوقين ومن خلال تقديم طلب من رئاسة استئناف كل محافظة
للتخفيف عن كاهل القضاة الكثير من الدعاوي التي ترفع في محاكم البداءة في الوقت
الذي يكون فيها الاختصاص الاصيل للقضاء الاداري. لان الارتقاء بالقضاء (العادي
والاداري) هي رسالة خلق من أجلها القضاة.
ثالثا: اعضاء البرلمان: من خلال اجراء تعديلات لقانون مجلس شورى الدولة ليواكب
هذا المجلس الحاجة الملحة اليه وليصل بالارتقاء اسوة لما وصل اليه القضاء الاداري
الفرنسي والمصري .فضلا عن تغيير اسمه من قانون مجلس شورى الدولة الى قانون مجلس
الدولة تماشيا مع المادة (101) من الدستور العراقي النافذ لعام 2005 فضلا عن
استبدال تسمية هيئة مجلس شورى الدولة الى مجلس الدولة العراقي.
رابعا : مجلس شورى الدولة حاليا (مجلس الدولة فيما لو جرى التعديل): والطلب يكمن في زيادة عدد المستشارين والمستشارين
المساعدين فضلا عن الاستعانة بالقضاة من الصنف الاول والثاني ليؤدوا دورهم في
الارتقاء بالقضاء الاداري العراقي...وهي انطلاقة لبناء دولة يسودها القانون ومبدأ
المشروعية .لا دولة تحكمها العلاقات والقرارات القائمة على اساس المحاباة
والمخالفة للقانون.
المواطن: على كل مواطن ان يتحمل جزء من هذه المسؤولية ليقوم بالمطالبة بتفعيل مثل
هكذا قضاء لأنك ايها المواطن اول من يتضرر واول من يستفيد لصيانة حقوقك المستباحة
في طيات قرارات لا يحكمها القانون ولا يلغيها القضاء..!!
اذا كانت هناك معلومات اضافية يريد القارئ الكريم اضافتها او تعديلها فذلك يسعد الباحث لتعم الفائدة على الجميع.
ReplyDelete