محاضرة
بعنوان**:
العقوبات التأديبية للعاملين
في الكليات الاهلية وعلاقتها بالمسؤولية الجنائية
القسم الاول:
في العقوبات
التأديبية للعاملين في الكليات الاهلية:
الخطأ كما هو معلوم، أساس اية مسؤولية قانونية أياً
كان وصفها، مدنية كانت، أم جنائية، أم تأديبية، والخطأ الذي يقيم اية مسؤولية هو
عبارة عن اخلال بالتزام، وبذلك فإن الوصف الذي يسند للخطأ يعتمد اساساً على نوع
الالتزام الذي اخل به المخطئ، فمتى ما كان الالتزام مدنيا سمي خطأً مدنياً، ومتى
ما كان الالتزام مقرراً في نص جنائي سمي خطأً جنائياً، اما اذا كان هذا الاخلال قد
وقع تجاوزاً على قواعد تكفل انتظام العمل في جماعة معينة، فانه يكون خطأ تأديبياً.
ولذا
فإن الخطأ التأديبي يتحقق: (نتيجة الاخلال بالتزام القيام بالواجبات التي
يقتضيها حسن انتظام واستمرار العمل في المنشأة والامتناع عن كل ما من شأنه الحاق
الضرر بنظامها).
المطلب الاول: تمييز النظام التأديبي للعامل عما يشابهه من حالات
يختلف
الخطأ التأديبي للعمال عن الخطأ التأديبي للموظفين، وعن الخطأ الجنائي، وهو ما
سيتضح تباعاً:
أولا: الخطأ التأديبي للعمال والخطأ
التأديبي للموظفين: حيث
يكمن الاختلاف في وجوه عدة من أهمها:
1-
من حيث الجهة التي لها حق فرض العقوبة: حيث يكون صاحب العمل هو المستأثر في فرض العقوبة
التأديبية على العامل المخالف بموجب قانون العمل، في حين تكون فرض العقوبة
التأديبية للموظفين واستناداً لقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام من
اختصاص الوزير المختص او رئيس الدائرة غير المرتبطة بوزارة أو رئيس الدائرة أو
مجلس الوزراء ، وبحسب الحالة المحددة في قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة
1991 المعدل على الموظف المخالف للواجبات الوظيفية المقررة قانوناً.
2-
من حيث مصدر المخالفة (الخطأ): تمثل المخالفة العمالية اخلالا بالتزامات مقررة
بموجب قانون العمل أو عقد العمل أو النظام الداخلي للمنشأة، بعكس المخالفة
الادارية للموظف التي تكون بمناسبة الوظيفة أو اثنائها والتي تمثل اخلالاً
بالواجبات المنصوص عليها في المواد (4-5) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع
العام.
3-
من حيث الاجراءات: فإن صاحب العمل يستقل بتوقيع العقوبة
على العامل مع مراعاة بعض القيود التي فرضها عليه قانون العمل، في حين أوجب قانون
انضباط موظفي الدولة تشكيل لجنة تحقيقية أحد أطرافها حاصل على شهادة البكالوريوس
في القانون، ومن ثم قيام اللجنة بإصدار توصية بفرض العقوبة الملائمة للمخالفة
والبت فيها من الجهة الادارية المختصة.
4-
من حيث نوع العقوبة: تختلف العقوبة التي تُفرض على العامل عن تلك
التي تُفرض على الموظف، فقد حددت المادة 126 من قانون العمل القديم العقوبات
التأديبية (الانضباطية) بـــ: (لفت النظر، وقطع الاجر،
وتأجيل منح العامل الزيادة السنوية، وحجب الزيادة السنوية، والفصل من العمل)، أما
العقوبات التأديبية في قانون العمل الجديد فهي: ( الانذار، والايقاف عن العمل،
وحجب الزيادة السنوية، وتنزيل الدرجة، والفصل، والغرامة "إذا اجاز ذلك عقد العمل الجماعي").
في حين
تكون العقوبات التأديبية (الانضباطية) على الموظفين بموجب قانون انضباط موظفين
الدولة والتي حددتها المادة الثامنة منه: (لفت النظر، الانذار، قطع الراتب،
التوبيخ، انقاص الراتب، تنزيل الدرجة، الفصل، العزل).
5-
من حيث الجهة القضائية: في الوقت الذي تكون فيه الجهة القضائية المختصة
بالنظر بطعون العقوبات التأديبية المفروضة على العمال هي محكمة العمل، تكون محكمة
الموظفين الجهة القضائية المختصة بنظر الطعون المقدمة من قبل الموظفين المعاقبين
تأديبياً (انضباطياً).
ثانيا: الخطأ التأديبي للعمال والخطأ الجنائي(الجريمة): يتمثل الاختلاف ما بين الخطأ التأديبي والخطأ
الجنائي فيما يلي:
1- من حيث
هدف العقوبة:
فبالوقت الذي يكون الهدف من العقوبة التأديبية للعامل هو ضمان حسن سير العمل
وانتظامه في المنشأة، فإن هدف العقوبة الجنائية هو حماية المجتمع ونظامه الاجتماعي
وحماية امنه.
2- من حيث
نوع وأثر العقوبة: فبالنسبة للعقوبة التأديبية للعمال فإنها تنال من المركز القانوني
للعامل، وتكون صورها أما لفت النظر أو قطع الاجر، او تأجيل منح العامل الزيادة السنوية،
او حجب الزيادة السنوية، او الفصل من العمل.
أما
العقوبة الجنائية فإنها تكون أما سالبة للحياة أو سالبة للحرية أو مقيدة لها، أو
تنال من المركز المالي للجاني.
3- من حيث
مبدأ الشرعية: يختلف
الخطأ التأديبي عن الخطأ الجنائي في كون الخطأ الجنائي محكوم بمبدأ لا جريمة ولا
عقوبة إلا بنص، خلافاً للخطأ التأديبي حيث لا يمكن الاخذ بهذا المبدأ إلا اذا نص
المشرع على ذلك صراحة([1]).
4- من حيث
النطاق: حيث
يقتصر تطبيق العقوبة التأديبية على العمال، في حيث تكون العقوبة الجنائية مفروضة
على أي شخص (ومن ضمنهم العمال) يصدر عنه فعل مجرم ومعاقب عليه قانوناً.
5- من حيث
جهة فرض الجزاء:
ان الجزاء الجنائي لا يملك توقيعه سوى الدولة، خلافاً للجزاء التأديبي للعامل
والذي يستقل في فرضه صاحب العمل.
المطلب الثالني: أنواع
العقوبات التأديبية وضمانات فرضها
في
الوقت الذي اجاز بها قانون العمل لصاحب العمل الحق في فرض العقوبات التأديبية على
العامل المخالف (بعقوبات محددة قانوناً)، فإنه قيد هذه السلطة بضمانات وقيود
للحيلولة دون تعسف صاحب العمل في استخدام هذه السلطة، وهو ما سنتكلم عنه في هذا
المبحث من خلال تقسيمه الى مطلبين ، نتناول في الاول أنواع العقوبات التأديبية،
وفي الثاني الضمانات القانونية في فرض هذه العقوبات.
اولا: أنواع
العقوبات التأديبية
نصت
المادة (138/ ثانياً) من قانون العمل الجديد رقم 37 لسنة 2015 على : (إذا ارتكب العامل مخالفة للتعليمات أو أخل
بالتزاماته بموجب عقد العمل تطبق بحقه احدى العقوبات الآتية:
أ- الانذار
ويكون بإشعار العامل تحريرياً بالمخالفة التي ارتكبها وتحذيره من الاخلال بواجبات
عمله مستقبلاً.
ب- ايقافه
عن العمل مدة لا تزيد على ثلاثة أيام.
ج- حجب
الزيادة السنوية عن العامل عن السنة التي ارتكب فيها المخالفة التي استوجب الاجراء
الانضباطي لمدة لا تزيد على (180) مئة وثمانين يوماً.
د- تنزيل
الدرجة ويستتبعه تنزيل اجره في ضوء درجته الجديدة بعد التنزيل.
ه- الفصل من
العمل).
في حين
نصت المادة 139 من ذات القانون على: (يحظر فرض الغرامات على العامل، إلا اذا نص الاتفاق الجماعي المطبق على
خلاف ذلك).
ومن
خلال النصين المتقدمين يتضح لنا ان العقوبات التأديبية التي تفرض على العاملة في
حالة مخالفته للتعليمات (النظام الداخلي للمنشأة) أو اخلاله بالتزاماته العقدية
(عقد العمل) تتمثل بالتالي:
أولا: الانذار: تعتبر عقوبة الانذار تنبيها للعامل عن المخالفة
التي ارتكبها، ولفت نظره الى انه سوف يتعرض لعقوبات أشد من الانذار في حالة
استمرار المخالفة أو تكرارها، وقد اشترط المشرع ان تكون عقوبة الانذار تحريرية، أي
يقتضي ان يكون الانذار الموجه الى العامل مكتوباً.
ولم
يرتب القانون (قانون العمل) على هذه العقوبة أية آثار بالنسبة لما يستحقه العامل
من مزايا مستقبلية، كحقه في الزيادة السنوية أو الترقية([2]).
ثانيا: قطع الاجر (الغرامة): على الرغم من ان قانون العمل الجديد قد حظر فرض
الغرامة على العامل واستخدامها كعقوبة تأديبية في المادة 139، إلا انه اجاز ذلك في
حالة اذا ما نص الاتفاق الجماعي المطبق على خلاف ذلك، أي في حالة اذا نص الاتفاق
الجماعي على جواز اعتماد الغرامة كعقوبة تأديبية.
تُعرف
الغرامة على انها مبلغ من المال يقتطع من اجر العامل، بسبب اخلاله ببعض التزاماته
القانونية، أو مخالفته أوامر صاحب العمل، وهي بهذا التصور تمثل خطراً حقيقياً يهدد
العامل، لأنها تجعل اجره معرض للاقتطاع بقرار ينفرد صاحب العمل بإصداره.
ونظراً
لخطورة الغرامة على مصدر رزق العامل، فقد احيطت بعدة ضمانات من قبل التشريعات
المعاصرة تتمثل:
1-
حرص المشرع على وضع حد أقصى للغرامة فقرر انه لا
يجوز ان يزيد مقدارها عن المخالفة الواحدة على اجر ثلاثة ايام، واذا تعددت
المخالفات فانه لا يجوز ان يقتطع من اجر العامل وفاء للغرامات اكثر من 20% من اجره
الشهري، أي يجب ان لا تزيد مجموع الغرامات للشهر الواحد عن اكثر من اجر ستة ايام،
واذا زادت مقدار الغرامة عن النسبة المذكورة تؤجل للشهر الذي يليه.
2-
ونظراً لان الغرامة ليست تعويضاً يُقصد به جبر
الضرر الذي لحق بصاحب العمل من جراء مخالفة العامل لالتزاماته، بل هي جزاء يوقع
على العامل المخالف، فانه لا يجوز لصاحب العمل ان يستولي عليها لحسابه، بل يجب ان
تخصص المبالغ المتحصلة منها لما يعود على العمال بالنفع، الامر الذي جعل المشرع
العراقي في قانون العمل الجديد ان يحدد عائدية الغرامات المفروضة على العمال الى
صندوق الضمان والتقاعد.
ثالثا: الايقاف عن العمل: وهي من العقوبات التأديبية التي جاء بها قانون
العمل الجديد دون القديم، ويُقصد بها، منع العامل من ممارسة عمله مدة معينة (لا
تزيد عن ثلاثة أيام)، دون أن يترتب له أجراً أو تعويض، وذلك جزاء المخالفة التي
اقترفها.
وتبدو
خطورة الوقف عن العمل كجزاء من حيث مساسه باجر العامل، ومنعه من العمل مع بقائه
مقيداً بالعقد، وجرح شعور العامل وكرامته، لذلك يحظر القانون على صاحب العمل وقف
العامل تأديبياً عن العمل مدة تزييد على ثلاثة أيام عن المخالفة الواحدة، إلا ان
المشرع لم يحدد الحد الاقصى للإيقاف عن العمل في حالة تكرار المخالفة خلال الشهر
الواحد، وبذلك يجوز تكرار عقوبة الايقاف كلما تكررت المخالفة.
رابعا: حجب الزيادة السنوية: ويُقصد بها تأجيل منح الزيادة السنوية للعامل كعقوبة تأديبية على ان لا
تزيد مدتها عن اكثر من 180 يوم، وفقاً لقانون العمل الجديد.
خامساً: تنزيل الدرجة: ويستتبعه تنزيل اجر العامل في ضوء درجته الجديدة
بعد التنزيل.
سادساً: الفصل: عند النظر الى العقوبات السابقة نجد بأن الطابع
المالي يغلب عليها، اما عقوبة الفصل فلها طبيعتها الخاصة فهي تنفرد عن العقوبات
الاخرى في تأثيرها الكبير في مصالح العامل نظراً لما تسببه له من قطع أجره بصورة
نهائية في الوقت الذي يمثل مصدر رزقه الاساس مما دفع بالمشرع الى التضيق من
الحالات التي تجيز فيها لصاحب العمل حق فصل العلاقة التعاقدية وفي حالة استخدامه
لأي من هذه الحالات فيجب ان تتم وفق الشروط أو الضوابط التي يحددها القانون في كل
حالة على حدة وإذا ما شعر العامل ان قرار فصله كان تعسفياً فله حق الطعن فيه امام
القضاء والحالات هي:
أ-
الخطأ الجسيم الذي ينشأ عنه ضرر مادي:
حدد قانون العمل
الجديد من الحالات التي يجوز فيها فصل العامل هو ارتكابه خطأ جسيماً يترتب عليها
ضراراً جسيما بصاحب العمل، وبذلك لا يكتفي القانون بالخطأ اليسير، حيث اخذ المشرع
بنظر الاعتبار جسامة العقوبة (الفصل) حيث ينبغي ان تناسبها جسامة الخطأ، إلا انه
لم يشترط ان يكون الخطأ عمدياً وبذلك فان الخطأ غير العمدي يعول عليه في فرض عقوبة
الفصل، في حين تتطلب بعض التشريعات ان يكون الخطأ عمدياً.
فضلا
عن ذلك فإن المشرع في قانون العمل الجديد لم يكتفي بكون الخطأ الجسيم، وانما اشترط
اضافة لذلك ان يترتب عليه ضررا مادياً جسيماً يلحق بصاحب العمل (خطأ جسيم+ ضرر
مادي جسيم)، وبذلك إستبعد الضرر المعنوي من أن يكون محلا لعقوبة الفصل في هذه
الحالة، كما يستبعد الضرر اليسير وان كان ناتجا عن خطأ جسيم.
ب- إفشاء
اسرار العمل: من ضمن
الالتزامات التي فرضها القانون على العامل هو عدم افشائه أي اسرار يطلع عليها بحكم
عمله (م 42/ ثانياً/ ج من: ق.ع.ج)، وبذلك وفي حالة مخالفة العامل لهذا الالتزام
وقام بإفشاء اسرار العمل وترتب عن ذلك ضرراً جسيما أُلحق بصاحب العمل وثبت ذلك
بأدلة ثابتة، جاز لصاحب العمل في هذه الحالة فصل العامل.
وبذلك فإن افشاء الاسرار واحده
غير كافي لفرض عقوبة الفصل وانما يشترط اضافة لها ان تلحق بصاحب العمل ضرراً جسيما
أياً كان نوعه(مادي أو معنوي) وبأدلة ثابتة يمكن الاستعانة بها لأثبات قيام العامل
بمثل هكذا فعل (افشاء الاسرار).
ج-
مخالفة التعليمات الخاصة بسلامة
العمال:
لحماية العامل من مخاطر العمل والآلات فان قانون العمل يوجب على العامل الالتزام
بجميع التعليمات الخاصة بالسلامة والصحة المهنية واستخدام سبل الوقاية التي
تتطلبها طبيعة العمل ومن ثم فان قانون العمل يجيز لصاحب العمل فسخ عقد عمل العامل
في حالة: (اذا
خالف العامل التعليمات الخاصة بسلامة العمل وصحته وفي هذه الحالة على صاحب العمل
ارسال انذار خطي للعامل بفسخ عقد العمل دون اشعار في حال تكرار هذا السلوك)، ومن خلال النص المذكور الذي اوردته المادة
(141/ ثالثاً) من قانون العمل الجديد فإنه يشترط لفسخ العقد، ان يُنذر العامل من
قبل صاحب العمل مسبقاً بكتاب تحريري عن عدم تكرار فعله وانه سيعرض الى فسخ عقده في
حالة تكرار الفعل، وفي حالة تكرار الفعل من قبل العامل (أي مخالفته التعليمات الخاصة بسلامته) جاز لصاحب العمل
حينها بفسخ عقده.
د-
السكر البين والتأثير بالمخدرات: اجاز قانون العمل لصاحب العمل في فصل العامل في
حالة: (اذا
وُجد العامل اكثر من مرة اثناء ساعات العمل في حالة سكر بين او تحت تأثير مخدر،
وفق تقرير صادر عن طبيب مختص، وتم انذاره عنها لأكثر من مرة).
يفهم
من مضمون هذا النص بأن القانون يحظر على العامل ان يكون في حالة سكر او تحت تأثير
المخدر اثناء ساعات العمل، وبغض النظر عن وقت تناولها او مكانها سواء تم ذلك اثناء
العمل او قبله، او في مكان العمل او خارجه، كما اشترط القانون ان تكون حالة السكر
بينة وواضحة بحيث تلحظ من الاخرين من خلال تصرفاته غير المتوازنة فضلا عن ذلك فان
النص اشترط تكرار الفعل اكثر من مرة خلال ساعات العمل، شريطة ان يوجه انذار سابق
عن فصله ينذره عن فعله والحيلولة دون تكراره، كما اشترط القانون ان يتم اثبات حالة
السكر بتقرير طبي صادر عن طبيب مختص.
ه-
اتيان العامل سلوكا لا يتفق وشرف
العمل: لقد
منح قانون العمل صاحب العمل الحق في فصل العامل في حالة (اذا اتى العامل اكثر من مرة بسلوكٍ لا يأتلف
وشرف العمل، على ان يكون قد تم انذاره على هذا السلوك سابقاً).
ومن
خلال النص المذكور نجد ان العبارة الاخيرة تحمل اكثر من معنى التي تعد محرمة
قانونا وفق قانون العقوبات بما فيها الرشوة وقبول هدايا مبالغ بها قياساً لما جرت
عليه العادة من تقديم اكراميات للعمال من قبل بعض الزبائن في مهن معينة ودون علم
صاحب العمل بحيث تأثر بشكل او بأخر على صاحب العمل، وكذلك استغلال العامل لمركزه
لتحقيق مصالح ذاتية او تكون الافعال مخالفة للقيم الاجتماعية السائدة، كما هو
الحال في العلاقات الجنسية، فضلا عن ان القانون اوجب تكرار الفعل من قبل العامل
فضلا عن انذاره مسبقاً حتى تجيز لصاحب العمل حق فصله من العمل.
اما
بشأن وقت ارتكاب الفعل فان القانون لم يحدد ذلك، وبذلك يكون الامر سيان ان تقع
اثناء الدوام وفي مكانه (مكان العمل) او خارج الدوام ومكانه.
و-
الاعتداء على صاحب العمل أو ممثله أو
أحد رؤساء العمل أو زملائه: أجاز قانون العمل فصل العامل: (اذا وقع من العامل اعتداء على صاحب العمل او
على احد رؤسائه او زملائه في العمل في اثناء العمل او خارجه)، وبذلك فقد اجاز القانون فصل العامل وفق الشروط
التالية:
1-
وقوع فعل الاعتداء على كل من صاحب العمل او
ممثله او احد رؤساء العمل او احد زملائه.
2-
ان يقع اعتداء من قبل العامل أياً كانت درجة هذا
الاعتداء سواء كان جسيما ام يسيراً، بينما تشترط بعض التشريعات المعاصرة ان يكون
فعل الاعتداء جسيما، وموجبات الفصل في مثل هذه الحالة هو ان فعل الاعتداء يؤدي
بشكل او بأخر الى الاقلال من هيبة المسؤولين في العمل او احد زملائه، والى الاخلال
بالنظام والانضباط في المشروع، اما بالنسبة لشكل الاعتداء فلم يحدده المشرع وبذلك
يمكن ان يكون فعلا او قولا، في حين بعض التشريعات تشترط ان يكون شكل الاعتداء
جسمانياً.
3-
اما بشأن وقت وقوع الاعتداء ومكانه، فلم يشترط
القانون أي شرط زماني او مكاني، او ووجود رابطة سببية بين واقعة الاعتداء والعمل
الذي يؤديه العامل من عدمه، لان أي اعتداء على هؤلاء في أي وقت او مكانه او في
حالة وجود الرابطة السببية من عدمه فانه يؤدي الى الاقلال من هيبتهم واحترامهم بين
العمال في داخل المشروع، فضلا عن الاخلال بالنظام داخل المشروع.
ز- الغياب غير المشروع: ان حالة الغياب عادة ما تؤدي الى الاضطراب في
حركة العمل والاضرار بمصالح صاحب العمل والانتاج الاجتماعي، إلا ان للضرورة احكام
فقد يواجه العامل ظروفاً تضطره للغياب او مغادرة مكان العمل وذلك يتوجب عليه اعلام
صاحب العمل عن كل تأخير او غياب مع بيان المبررات او طلب الاذن منه ابتداءً في
سبيل ان يكون غيابه مشروعاً، وبذلك فان قانون العمل قد اجاز لصاحب العمل حق فصل
العامل: (اذا
تغيب العامل عن العمل بدون عذر مشروع (10) عشرة ايام متصلة أو (30) يوم متقطعة
خلال سنة العمل)، ومن خلال استقراء النص المتقدم فانه يتطلب منح صاحب العمل فصل العامل ان
يكون غياب العامل لعذر غير مشروع، وتقدير هذه المشروعية أمر يدخل في اختصاص محكمة
الموضوع (محكمة العمل).
ح-
ارتكاب جناية او جنحة بحق احد زملائه
في العمل: لصاحب العمل الحق في فصل العامل من العمل في
حالة: (اذا
ارتكب العامل اثناء العمل جناية أو جنحة بحق احد زملائه في العمل وحكم عليه من
اجلها بحكم قضائي بات)، وبذلك ينبغي توفر الشروط التالية ليجوز بذلك لصاحب العمل فصل العامل عن
عمله:
1-
من حيث جسامة الجريمة: فإن القانون اشترط قيام العامل ارتكاب جناية او
جنحة وفقاً لأحكام قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، وبذلك فإنه
قد استبعد جريمة المخالفة من ان تكون محلا لعقوبة الفصل، اما شكل الاعتداء فقد
يؤخذ صورة فعل او قول، في حين تتطلب بعض التشريعات ان يكون الاعتداء بالضرب او الاهانة.
2-
اما الاشخاص الذين يقع عليهم فعل الاعتداء: فيشترط القانون ان يقع على احد زملاء العامل في
العمل.
3-
صدور قرار حكم قضائي بحق العامل مكتسب درجته
القطعية: ومن
الملاحظ ان المشرع لم يعول على مضمون الحكم، سواء كان حكم العقوبة بالغرامة او
بالحبس او السجن، وسواء كان الحكم مع وقف التنفيذ من عدمه.
ط-
الحكم على العامل بالحبس مدة تزييد
على سنة: أجاز
قانون العمل لصاحب العمل في الحق في فصل العامل اذا ارتكب العامل جريمة لا علاقة
لها بالعمل، وذلك في حالة: (اذا حكم على العامل بالحبس مدة تزيد على سنة واحدة واكتسب الحكم درجة
البتات)، وعليه يقتضي
تطبيق أحكام النص المذكور توفر شرطين:
1-
ان يتم الحكم على العامل مدة تزيد على سنة،
وبذلك لا ينطبق حكم النص المذكور، اذا كان حكم العقوبة الغرامة أو الحبس لمدة سنة
فأقل، وعليه يحق للعامل دفع مبلغ الغرامة، (اذا كانت عقوبته الغرامة) والرجوع الى
عمله في الحالة الاولى، أما في الحالة الثانية، فإن العقد يبقى وقوفاً لحين اكمال
العامل عقوبة الحبس اذا كانت مدته سنة فأقل.
2-
اكتساب حكم عقوبة الحبس والذي تزيد مدته على
اكثر من سنة الدرجة القطعية، وبذلك لا يجوز فصل العامل اذا كانت هناك مدة للطعن
بالحكم لاحتمال نقض القرار او العقوبة بالحبس مدة سنة فأقل.
ثانيا: ضمانات فرض العقوبة التأديبية
على العامل:
اذا
كان المشرع قد خول صاحب العمل سلطة توقيع الجزاءات على العامل، إذا ما أخل بتنفيذ
التزامه، إلا ان هذه السلطة الممنوحة لصاحب العمل ليست مطلقة، وانما مقيدة بضمانات
قانونية نص عليها المشرع لحماية العامل، تتمثل بالتالي:
أولا: القيد الزمني لاتهام العامل
وتوقيع العقوبة عليه: استنادا لأحكام البند أولا من المادة 138 من قانون العمل الجديد والذي جاء
فيه: (لا يجوز
لصاحب العمل اتخاذ اية عقوبة انضباطية بحق العامل عن اية مخالفة قام بها بعد مضي
(15) خمسة عشر يوماً من علم صاحب العمل أو أحد ممثليه بذلك).
ان
الحكمة من تقييد صاحب العمل بمواعيد معينة، من حيث اتهام العامل او توقيع العقوبة
التأديبية عليه، كي لا يبقى التهديد بذلك سيفاً مسلطاً على رقبة العامل الى مالا
نهاية، بالإضافة الى ان اتهام العامل بمخالفة او فرض عقوبة تأديبية مضى على كشفها
او ثبوت ارتكابها من قبل العامل مدة طويلة لا يحقق الغرض المقصود من العقوبة وهو الردع
والزجر، كما روعي في ذلك عدم مفاجأة العامل بتوجيه الاتهام اليه بعد مدة طويلة
فيعجز عن اثبات براءته، كما ان مرور مدة طويلة سواء على ارتكاب المخالفة أو تأريخ
ثبوتها يفيد عفو صاحب العمل عن تلك المخالفة، ويفيد ايضاً ان تلك المخالفة ليست
بالقدر من الاهمية او الخطورة لتكون محلاً لمعاقبة العامل عليها.
تجدر
الاشارة الى ان المقصود بـــ:(علم صاحب العمل او احد ممثليه)، ليس العلم فقط
بحقيقة المخالفة او وقوعها، فالمخالفة قد تقع ويبقى مرتكبها مجهولا مدة معينة،
فالمقصود بالعلم هنا هو اكتشاف حقيقة المخالفة بالإضافة الى معرفة مرتكبها، لذلك
فان مدة الخمسة عشر يوماً المشار اليها بالنص المذكور، لا تبدأ إلا من وقت العلم
بوقوع المخالفة ونسبتها الى العامل المخالف.
ثانيا: وجوب تعلق المخالفة (الخطأ)
بالعمل: تمنح
قوانين العمل عادة صاحب العمل سلطة توقيع الجزاء التأديبي بحق العامل في حالة ماذا
صدرت منه بعض التصرفات والافعال التي تخل بحسن سير العمل بالمنشأة مما توجب عليه
العقاب سواء اتصل هذا التصرف المخل بالعمل بعلاقة سببية او من دونه، مادام هذا
التصرف ينعكس بشكل سلبي على العملية الانتاجية وحسن سير العمل في المنشأة لذا
يقتضي من العامل الامتناع عن أي عمل من شأنه يخل بهذا النظام وإلا تعرض للعقاب
التأديبي، علما بان ايقاع العقوبة على العامل لا علاقة لها بحصول ضرراً مادياً
لصاحب العمل وانما تستهدف اساساً تحقق النظام والانضباط داخل المشروع.
اما اذا وقعت المخالفة خارج مكان العمل فيقتضي
ان ترتبط بالعمل بعلاقة سببية لان هذه المخالفات ذات تأثير مباشر أو غير مباشر في
حسن سير العمل ونظام المنشأة كذلك في حالة ما اذا وقعت المخالفة على صاحب العمل او
مديره فإنها توجب المسؤولية التأديبية دائماً اياً كان سببها وزمانها ومكانها، لان
مثل هذا الاعتداء سوف يؤدي الى الاقلال من هيبتهم واحترامهم بين العمال، في الوقت
الذي يعدون رمزا للنظام والانضباط في العمل، ولقد عالج قانون العمل الجديد
الواجبات المفروضة عن العامل في المادة (42/ ثانياً) والتي ينبغي اخذها بنظر
الاعتبار عند صياغة اللائحة التأديبية للعمال:
1-
ان يؤدي بنفسه الواجبات المنوطة به بدقة وامانة
طبقا لعقد العمل واحكام هذا القانون والتعليمات والقرارات الصادرة لتنفيذها،
وانظمة العمل بالمنشأة الصادرة عن صاحب العمل وان يبذل بذلك عناية الشخص بما لا
يتعارض مع احكام هذا القانون.
2-
الحفاظ على ممتلكات صاحب العمل الموضوعة في
عهدته وعدم الاحتفاظ لنفسه بأي سجلات او سندات او اوراق تخص العمل.
3-
عدم افشاء أي اسرار يطلع عليها بحكم عمله.
4-
اتباع قواعد الصحة والسلامة المهنية.
5-
الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف وفترات
الراحة، حسب ما ينص عليه نظام العمل.
6-
ان لا يحضر الى العمل في حالة سكر بين او تحت
تأثير المخدرات.
7- ان لا يحمل السلاح في مكان العمل الا اذا كانت
طبيعة عمله تقتضي ذلك ويكون مرخص له قانوناً
8-
عدم التمارض بقصد التخلص من العمل.
9-
عدم استقبال أي شخص في مكان العمل الا بموافقة
صاحب العمل.
10-
الامتناع عن قبول أي عمولة او غيرها من الوكلاء
او المقاولين المتعاقدين مع صاحب العمل الا بعلمه وموافقته، على ان توضع تلك
الاموال في صندوق خاص وتوزع بالتساوي على العمال بإشراف صاحب العمل، وتعتبر تلك
الاموال من متممات الاجر.
11-
ان لا يؤدي عملا للغير في الساعات المخصصة
للعمل.
12-
ان لا يستخدم ماكنة او جهاز او الة لم يكلف
باستعمالها من صاحب العمل.
13-
ان لا يعقد اجتماعات داخل مكان العمل، بدون
موافقة صاحب العمل والجهة النقابية المختصة لأمور نقابية بحتة.
ثالثا: ان يكون الخطأ (المخالفة) منصوص عليه في
قواعد انضباط العمال: واستناداً
لذلك فقد أوجب المشرع العراقي في قانون العمل الجديد، في المادة (136/ أولا) على صاحب
العمل الذي يستخدم عشرة عمال فأكثر ان يضع قواعد داخلية يذكر فيها التزامات العمال
وقواعد انضباطهم، يبين فيها الاخطاء (المخالفات) التي يعاقب على ارتكابها، ويبدو ان
اعفاء المشرع لأصحاب العمل الذين يستخدمون أقل من عشرة عمال من وضع لائحة بالمخالفات
(الاخطاء) المعاقب عليها، نظراً لصغر حجم المنشأة، وامكانية الاتصال المباشر مع العمال.
والاعفاء
المذكور لا يعني حرمان صاحب العمل الذي يعمل في مشروعه أقل من عشرة عمال من أن يضع
لائحة بالمخالفات التأديبية، الا انه يكون في هذه الحالة مخير بين وضعها وعدم وضعها،
فإذا وضعها يكون في هذه الحالة ملتزم بمحتواها ولا يحق له ان يفرض جزاءات على العامل
بمخالفات لم ترد في اللائحة المذكورة.
أما اذا
لم يقم صاحب العمل (من يعمل لديه أقل من عشرة) بوضع لائحة بالأخطاء التأديبية، فإن
حقه بفرض العقوبة التأديبية على العمال يبقى قائماً على الرغم من عدم وجود مثل هذه
اللائحة، نظراً لما له من سلطة تأديبية وفي حدود التنظيم المقرر له بموجب القانون لضمان
حسن سير العمل وانتظامه.
ان هدف
المشرع من الزام أصحاب العمل في وضع لائحة بالجزاءات يتمثل بالتالي:
1-
تقييد سلطة أصحاب العمل التأديبية وعدم تركها للانفعال
والعشوائية، وذلك من خلال تحديد المخالفات التي يمكن أن ترتكب من العمال مع تحديد الجزاء
المناسب لها.
2-
إحاطة العمال مقدما علماً بالعقوبات التي يمكن أن
تفرض عليهم، إذا ما ارتكبوا مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في تلك اللائحة.
وعلى العموم
فإن اجراءات وضع هذه اللائحة تتمثل بوجوب عرض هذه اللائحة المعدة من قبل صاحب العمل
على دائرة التشغيل والقروض أو القسم القانوني لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية للمصادقة
عليها، خلال مدة 30 ثلاثين يوماً من عرضها وبعد مضي هذه المدة تعتبر اللائحة مصادقاً
عليها بشكل تلقائي، وينبغي بعد ذلك أن يقوم صاحب العمل بعرض هذه اللائحة في مكان بارز
في المشروع ليتحقق علم العمال بمحتوى هذه اللائحة.
رابعا: اجراء التحقيق وضمان حرية
الدفاع: لا
يجوز معاقبة العامل إلا بعد التحقيق معه، والاستماع الى دفاعه بحضور ممثل العمال
او النقابة او أي شخص آخر يختاره العامل للدفاع عن نفسه ضد ادعاءات تخص سلوك
العامل المعني او اداءه ، واجراء التحقيق بغياب هؤلاء يجعله معيباً ويؤدي الى
امكانية ابطال العقوبة المفروضة على العامل من قبل القضاء.
خامسا: كتابة قرار العقوبة: حظر القانون على صاحب العمل فرض العقوبة، اياً
كان نوعها شفاها، وانما اشترط ان تكون مكتوبة بنصه في المادة 144 من قانون العمل
الجديد: (يصدر
قرار فرض العقوبة كتابة ويبلغ به العامل ولا يحق للعامل الادعاء بعدم
التبلغ بعد مضي (10) عشرة ايام من صدور القرار ووضعه في لوحة الاعلانات او في محل
العمل)، وبذلك
ولكي يكون قرار فرض العقوبة صحيحاً قانوناً لابد ان تتوفر فيه هذه الشكلية وهي
الكتابة، وإلا كان مصيره البطلان، ان هدف المشرع من هذه الشكلية هو لإتاحة الفرصة
امام العامل للتأكد من صحة القرار سواء في حيثياته او في اسبابه، ولتسهيل عملية
الاثبات في حالة الطعن بالقرار لدى المحكمة المختصة.
تجدر
الاشارة الى ان القانون في النص المذكور قد اشترط ان يوضع الاعلان في لوحة
الاعلانات للمشروع او أي مكان بارز للمشروع، وافترض القانون علم العامل المخالف
بقرار العقوبة ولا يحق له الاحتجاج بعدم العلم بعد مضي عشرة ايام من تأريخ صدور
القرار ووضعه في لوحة الاعلانات او في محل العمل ، والمشرع في هذه الحالة افترض
تزامن تأريخ صدور القرار مع تأريخ وضعه في لوحة الاعلانات.
سادسا: عدم جواز تعدد العقوبة عن
الفعل الواحد: ان من
المبادئ الاصولية في العقاب الاخذ بمبدأ وحدة العقوبة عن الجريمة الواحدة وبذلك لا
يجوز توقيع عقوبتين من اجل ذنب واحد، وهو ما اكده قانون العمل الجديد في البند
رابعاً من المادة 138.
سابعا: الرقابة القضائية على قرار
العقوبة: حيث
يتولى القضاء مراقبة مشروعية الجزاء من جهة، ومدى تناسبها مع المخالفة من جهة
اخرى:
أ-
رقابة مشروعية الجزاء التأديبي: يراقب
القضاء مدى التزام صاحب العمل عند ممارسته سلطته التأديبية بالقواعد التي وضعها
المشرع والضمانات المقررة في هذا الشأن، فللعامل أن يتظلم من استعمال صاحب العمل
للعقوبات التأديبية بطريقة مخالفة للقانون، فاذا تثبت للقاضي عدم مشروعية القرار
التأديبي، يستطيع الحكم ببطلان الجزاء التأديبي الموقع على، بل وتعويضه عما حل به
من اضرار، ومن امثلة المخالفة توقيع الجزاء من شخص غير مختص، أو دون اجراء تحقيق
مع العامل المخالف، أو دون الاستماع الى دفاعه أو توقيع اكثر من جزاء على نفس
المخالفة، وبذلك يحكم القاضي مثلا بشطب الانذار من ملف العامل اذا كانت العقوبة الانذار،
أو برد مبلغ الغرامة اذا كان العقوبة الغرامة (قطع الاجر)، او تعويض العامل
بإعطائه اجره عن الايام التي تم ايقافه عنها اذا كانت العقوبة الايقاف عن العمل.
وبالنسبة
لعقوبة الفصل، فانه يصعب القول بأن يحكم القاضي بإعادة العامل الى عمله (رغم ان
ذلك ممكن)، لان ذلك قد يسبب العديد من المشاكل بينه وبين صاحب العمل، ويعتبر الفصل
الذي تم دون مراعاة القواعد واجراءات التأديب بمثابة فسخ للعقد من قبل صاحب العمل،
فاذا لم يكن لهذا الفسخ ما يبرره، التزم بتعويض العامل عن الاضرار التي اصابته
نتيجة انهاء العقد بدون مبرر.
ب- رقابة
تناسب العقوبة مع المخالفة (رقابة الملائمة): يتولى القضاء بالإضافة الى رقابة مشروعية القرار
التأديبي، رقابة مدى تناسب الجزاء التأديبي مع جسامة المخالفة، ويمكن الحكم بإبطال
الجزاء المبالغ فيه على نحو لا يتناسب مع الخطأ الذي ارتكبه العامل.
ولاشك بأن سلطة القاضي ، في هذا المجال، تكون
محدودة في حالة وجودة لائحة جزاءات تبين الجزاء الخاص لكل مخالفة والتزام صاحب
العمل بتلك اللائحة المعتمدة من الوزارة، وعلى العكس من ذلك فان سلطة القاضي تكون
اكثر اتساعاً في مراقبة صاحب العمل الذي يوقع الجزاء دون الاستناد الى لائحة
جزاءات موجودة.
وأياً
كان الامر فان القضاء يراقب مدى تعسف صاحب العمل في استخدام سلطته التأديبية.
القسم الثاني:
التكييف القانوني لجرائم العاملين في الكليات الاهلية:
من
خلال الرجوع الى المادة 19/ ثانيا من قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 المعدل
نجده قد وسع من مفهوم المكلف بالخدمة العامة ليشمل كل من يقوم بخدمة عامة ولو
بصورة عرضية بنصه: (المكلف بخدمة عامة: كل موظف او مستخدم او عامل أنيطت به مهمة
عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها او الموضوعة
تحت رقابتها ويشمل ذلك رئيس الوزراء ونوابه والوزراء وأعضاء المجالس النيابية والإدارية
والبلدية كما يشمل المحكمين والخبراء ووكلاء الدائنين (السنديكيين) والمصفين والحراس
القضائيين وأعضاء مجالس إدارة ومديري ومستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات
والمنشآت التي تساهم الحكومة او إحدى دوائرها الرسمية او شبه الرسمية في مالها بنصيب
ما بأية صفة كانت، وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة بأجر او بغير أجر. ولا يحول دون
تطبيق أحكام هذا القانون بحق المكلف بخدمة عامة انتهاء وظيفته او خدمته او عمله متى
وقع الفعل الجرمي أثناء توافر صفة من الصفات المبينة في هذه الفقرة فيه).
وبالرجوع
الى احكام المادة 4 من قانون الجامعات والكليات الاهلية رقم 13 لسنة 1996 الملغي
والتي عرفت الكليات والجامعات الاهلية بانها: شخصية معنوية تتمتع بالأهلية
القانونية الكاملة لتحقيق اهدافها وانها مؤسسات ذات نفع عام، فان مركز
العاملين في الكليات الاهلية وفيما يرتبط بعلاقتهم بالجانب التعليمي (كخدمة عامة)
يُعاملون معاملة الموظف الحكومي من حيث المسؤولية الجنائية وافعالهم المخالفة
تنطبق عليها الوصف القانوني للجرائم الوظيفية كالرشوة والاختلاس وغيرها شريطة توفر
الرابطة السببية بين اخلال الواجب وارتباط هذا الواجب بالخدمة العامة (التعليم).
[1] على الرغم من ان قانون العمل الجديد، لم
ينص صراحة على هذا المبدأ ألا وهو: (لا مخالفة ولا عقوبة إلا بنص)، إلا انه في
المادة (138/ ثانيا) والذي جاء فيها: (إذا ارتكب العامل مخالفة للتعليمات أو أخل بالتزاماته بموجب عقد
العمل تطبق بحقه احدى العقوبات الاتية ...) نجده من خلال
النص قد حدد مصدر المخالفة بأن تكون اما مخالفة للتعليمات التي يصدرها صاحب العمل
او لإلتزام عقدي، ويفهم من ذلك انه لا يجوز معاقبة العامل على مخالفة لم ترد في
التعليمات التي يصدرها صاحب العمل ولم ترد في عقد العمل.
[2] في حين يترتب على عقوبة الانذار في
قانون انضباط موظفي الدولة عام 1991 المعدل للموظف المخالف، تأخير ترفيعه أو
الزيادة مدة ستة أشهر.
اذا كانت هناك معلومات اضافية يريد القارئ الكريم اضافتها او تعديلها فذلك يسعد الباحث لتعم الفائدة على الجميع.
ReplyDelete