نوصيكم
بالقطاع الخاص خيراً فانه آمل العاطلين عن العمل**
في أواخر
سنة 2015 ونتيجة التظاهرات الشعبية التي تخرج بين الفينة والأخرى وحزمة الإصلاحات
التي شرع في تقديمها رئيس مجلس الوزراء حينها، وبعدما لاح العجز المالي للدولة في الأفق وظهرت
علامات الخيبة من استيعاب الالاف الشباب العاطلين عن العمل، وتصريح رئيس مجلس
الوزراء في أكثر من مناسبة على ضرورة تفعيل القطاع الخاص ودعمه، وعلى اثرها بادر
مجلس النواب العراقي الى تشريع قانون العمل الجديد رقم 37 لسنة 2015 ليحل محل
سابقه القانون رقم 71 لسنة 1987 وعدد من القرارات ذات الصلة، فدخل القانون الجديد
حيز النفاذ بعد ثلاثة أشهر من تأريخ نشره في الجريدة الرسمية (الوقائع)، على
اعتباره نُشر بتأريخ 9 / 11 / 2015، وما كان من كاتب هذه السطور الا ان يُسارع في
شرح أحكام هذا القانون حتى قبل ان يدخل حيز النفاذ وتدريس هذه الاحكام الى طلابه
في إحدى كليات القانون العراقية ظنا منه ان العراق بعدما أُثبت عجزه المالي بسبب
حربه ضد داعش واستشراء الفساد سيتجه بما لا يُثير الشك إلى القطاع الخاص، لانه
الامل الوحيد الذي يمكن التعويل عليه في حل الازمة والسير قدما بهذا البلد نحو
تطوير أدواته في التعامل مع القطاع الخاص والعاملين فيه، لاستيعاب آلاف العاطلين
عن العمل والدفع بعجلة الاستثمار إلى الأمام من خلال توفير البيئة الملائمة
للاستثمار الوطني والأجنبي من جانب، ومن جانب آخر توفير الضمان الكافي للعامل ليجد
لنفسه الاستقرار في العمل وبذلك يغنيه عن البحث عن التوظيف في دوائر الدولة لما
سيجده في القطاع الخاص من ميزة مالية أفضل وحقوق مُصانة بموجب قانون العمل فضلا عن
الضمان الاجتماعي الذي يوفر له الحياة الكريمة اذا ما اصابته احدى المخاطر
الاجتماعية التي تستوجب الضمان عنها، وما زاد من تفائل كاتب هذه السطور انه أُشيع
بين الاوساط الاكاديمية والسياسية وجود رغبة لدى مجلس النواب العراقي في مناقشة
مشروع الضمان الاجتماعي ليحل محل القانون النافذ لإضافة احكام جديدة منها توفير
الضمان الاجتماعي ضد البطالة لتُضاف الى المخاطر الاجتماعية الاخرى.
لماذا القطاع الخاص؟
مهما كانت
الدولة تتمتع بالوفرة المالية فهي لا يمكن ان تستوعب كل الطاقات العاملة كما لا
يمكن لها أن تخصص معظم مواردها لتكون موارد تشغيلية لرواتب ومخصصات، وتُتخم
دوائرها الحكومية بالموظفين الذين يصح القول عنهم بأنهم باب من أبواب البطالة
المقنعة الذين تتحمل الدولة وزر بطالتهم من مواردها لاعتبارات كثيرا منها انتخابية
أو تهدئة الشارع كلما يطفح كيله، في حين يمكن الاستفادة من هذه الطاقات في مختلف
الميادين الاخرى والقطاعات الاخرى الخاصة التي اذا ما توسعت لاسيما الشركات
الاجنبية تعني المزيد من العملة الاجنبية، وتنشيط الاقتصاد الوطني ناهيك عن
الاستفادة من التجارب المختلفة التي تتمتع بها الشركات الوطنية والاجنبية على
اختلاف اختصاصاتها وميادين عملها، ونكون في ذات الوقت قد وفرنا الاف الفرص
للعاطلين عن العمل وقد طورنا من كفاءاتهم بدلا من جلوسهم في دوائر الدولة ويتقاضون
الرواتب عن بطالتهم المقنعة!.
الاستثمار في العراق
كالكعكة بلا طعم!:
على الرغم من مما تقدم نجد أن
الاستثمار في العراق كما يصفه احد الباحثين في الجامعات البريطانية بانه كعكة بلا
سكر أو بلا طعم، على اعتبار أن معظم الشركات الاجنبية ترغب في الاستثمار في العراق
لما يتمتع به من مميزات جغرافية فضلا عن موارده وغيرها من العوامل فيكون بذلك (كالكعكة)،
وما يسوده من فساد على اختلاف قطاعاته لدرجة انه يعيق ويغلق الباب بوجه كل من يريد
ان يستثمر ان لم تكن لديه الرغبة في المساهمة في الفساد، وهذا الامر اكثر ما تخشاه
الشركات الاجنبية الرصينة التي تسعى جاهدةً للحفاظ على سُمعتها على الصعيد
العالمي، وبذلك تكون هذه الكعكة (بلا طعم)، وبالتالي لا يرغب أحد بتناولها.
قانون العمل العراقي
النافذ بحاجة الى عمل!:
إن تشجيع
القطاع الخاص وتوفير البيئة المناسبة للاستثمار وحده غير كافٍ مالم يُفعل قانون
العمل العراقي والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق العامل والضمانات الاساسية التي
نصت عليها، بما فيها انه لا يجوز تشغيل من هم دون سن الخامس عشر سنة، والاجازات
واوقات العمل وحماية أُجور العامل، وضمانات العامل القانونية في فرض العقوبة
الانضباطية حتى لا يكون تحت سطوة صاحب العمل متى وكيف يشاء في فرضها، والاستقرار
في العمل حتى لا يكون العامل مهدد في طرده متى ما شاء صاحب العمل، التي أكد على
جميعها قانون العمل العراقي النافذ، فضلا عن القوانين الاخرى التي لها صلة بالقطاع
الخاص كقانون التعليم العالي الأهلي رقم 25 لسنة 2016، وتعود مسؤولية متابعة تطبيق
أحكام القوانين المعنية بضمانات وحقوق العاملين في القطاع الخاص، كل من وزارة
العمل والشؤون الاجتماعية بالدرجة الاولى فيما يتعلق بتطبيق أحكام قانون العمل،
ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي فيما يتعلق بالكليات والجامعات الأهلية
وتطبيق قانون الكليات الاهلية المذكور والقوانين ذات العلاقة فضلا عن القرارات
والتعليمات المرتبطة بهذا القطاع، ووزارة ومديريات التربية فيما يتعلق بالمدارس
الاهلية، ليقع على عاتق جميع هذه الوزارات وكل من منطلق اختصاصها فضلا عن غيرها من
الجهات، الواجب الرقابي، للتأسيس لدولة تحترم الانسان وتصون حقوقه، والعمل على
الافعال لا بردود الافعال.
** مقدمة لكتاب محاضرات في قانون العمل العراقي الجديد لرقم 37 لسنة 2015، المنشور للباحث، ونشرت كمقال في جريدة الزمان بتأريخ 4/ 11/ 2018: https://www.azzaman.com/?p=241872
Comments
Post a Comment
يرجى مشاركة ارائكم ومقترحاتكم