محاضرة علمية بعنوان:
النتائج المترتبة على مبدأ "لا جريمة ولا عقوبة الا بنص"**
د. محمد عدنان علي الزبر*
الفرع الاول
التشريع هو المصدر الوحيد
1.
الدستور العراقي سنة 1925: فأن السلطة التشريعية في دستور 1925 منوطة بمجلس الأمة والذي يتألف من
مجلسين , مجلس النواب ومجل الاعيان .
2. في
الدستور سنة 1958: فأن السلطة التشريعية في الدستور 1958 منوطة بمجلس الوزراء حيث يعتبر مجلس
الوزراء حينها ممثلا للسلطة التنفيذية والتشريعية معا .
3. في دستور
1963 دستور 4 نيسان: فأن السلطة التشريعية حينها تتمثل بالمجلس الوطني لقيادة
الثورة.
4. دستور
29 نيسان 1964: فأن
السلطة التشريعية طبقا للدستور المذكور يتمثل بمجلس الامة .
5. دستور
21/9/1968: فأن
السلطة التشريعية طبقا للدستور المذكور تتمثل بمجلس قيادة الثورة , وفي ظل هذا
الدستور صدر قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل .
6. دستور
16/7/1970: والسلطة
التشريعية بموجب الدستور المذكور تتمثل بمجلس قيادة الثورة والذي يباشر اختصاص
اصدار القوانين والقرارات التي لها قوة القانون , فضلا عن المجلس الوطني الذي
يشارك مجلس قيادة الثورة سلطة اصدار التشريعات , وقد صدر عن مجلس قيادة الثورة المنحل
عدد كبير من القرارات التي لها قوة القانون سواء تلك التي عدلت قانون العقوبات رقم
111 لسنة 1969 المعدل او المستقلة والمعنية بتجربة معينة .
7. بعد
سقوط النظام السياسي في 9/4/2003 وحتى صدور قانون ادارة الدولة: كانت السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية بيد الحاكم
الاداري (بريمر) , وصدرت بموجب ذلك العديد من الاوامر التي عدلت قانون العقوبات
رقم 111 لسنة 1969 المعدل , من ابرزها نظام سلطة الائتلاف رقم 1 , وامر سلطة
الائتلاف المؤقتة رقم 14 , وامر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 19 , وامر سلطة
الائتلاف رقم 7 في 10 حزيران 2003 , والامر الاخير حصل بموجبه تعديل قانون
العقوبات منها عقوبة الاعدام واستبدالها بعقوبة السجن مدى الحياة (اي ايداع
المحكوم في المؤسسة العقابية حتى وفاته) .
فضلا عن
اعتماده للطبعة الثالثة من قانون العقوبات اي الطبعة الصادرة عام 1984 , وبذلك فأن
التعديلات الواردة على قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 .
وبهذا يستبعد
اي تعديل طرء على قانون العقوبات بين عام ١٩٨٤ وحتى 19/4/2003 في حين تبقى
التعديلات التي حصلت في قانون العقوبات عام ١٩٨٤ وما سبقها .
وكل هذا جاء
استنادا الى امر الحاكم الاداري في سلطة الائتلاف المؤقتة بول بريمر .
8. قانون
ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004: حيث يتبغى التمييز في هذه المرحلة بين مرحلتين :
أ.
الحكومة الانتقالية الاولى (من 30 حزيران 2004 – وحتى 31 كانون الثاني 2005): حيث كانت السلطة التشريعية والتنفيذية مناطة بمجلس
الوزراء وبالتحديد في ظل حكومة اياد علاوي , وقد صدر عن مجلس الوزراء عدة اوامر
(قوانين) منها امر اعادة العمل بعقوبة الاعدام رقم 3 لسنة 2004 (ص459-461 بالمتن)
وبموجب هذا الامر اعيد العمل بعقوبة الاعدام التي علقت في ظل عهد الحاكم المدني
(بريمر) والغاء عقوبة السجن مدى الحياة في عدد من الجرائم وبقائها في جرائم اخرى كالظرف المشدد في جريمة الاغتصاب.
ب.
الحكومة الانتقالية الثانية من شباط 2005 حتى تأليف حكومة منتخبة: فالسلطة التشريعية في هذه المرحلة تمثلت بالجمعية
الوطنية والتي انيطت بها مهمة تشريع القوانين فضلا عن كتابة مسودة الدستور العراقي
الدائم سنة 2005 , وقد صدر عن الجمعية الوطنية حينها قانون مكافحة الارهاب رقم 13
لسنة 2005 .
9. دستور
2005 الدائم: عند
الرجوع الى نصوص الدستور العراقي الدائم نجد السلطة التشريعية بموجب الدستور
المذكور تتكون من مجلس النواب ومجلس الاتحاد .
الا ان مجلس الاتحاد
منذ صدور الدستور وحتى يومنا هذا لم يرى النور , وبذلك اقتصرت مهمة سن التشريعات
بمجلس النواب والذي انيطت به مهمة سن التشريعات طبقا لما جاء في نص المادة
(61/اولا) .
وقد صدر عن
مجلس النواب العراقي العديد من التشريعات الجنائية منها التي عدلت من قانون العقوبات
رقم 111 لسنة 1969 كالقانون رقم 6 لسنة 2008 والذي عدلت بموجبه الغرامات والمنشور
في الوقائع الواقية بالعدد 4149 في 5/4/2010 والقانون رقم 15 لسنة 2009 للمادة 243
من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل والمعنية بجريمة الاخبار الكاذب
والمنشور بالوقائع الواقية بالعدد 4133 في 17/8/2009 .
كم صدرت عن
مجلس النواب العراقي عدد من التشريعات الجنائية المستقلة والصادرة بشأن جرائم محددة
نظرا لخطورتها وخصوصيتها او معنية بفئة محددة .
ومن تلك
التشريعات المستقلة , قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته رقم 41 لسنة 2008 المنشور
في الوقائع الواقية بالعدد 4095 في 3/11/2008، وقانون هيئة النزاهة الذي تضمن جريمة
الكسب غير المشروع (من اين لك هذا) رقم 30 لسنة 2011 المنشور بالوقائع العراقية ,
وقانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012 , وقانون مكافحة غسيل الاموال
وتمويل الارهاب رقم 13 لسنة 2015 , وقانون منع استعمال وانتشار الاسلحة الكاتمة
للصوت , فضلا عن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية .
ولازلنا
في صدد الحديث عن التشريع كمصدر وحيد لقانون العقوبات , فأن من الضروري الاشارة
الى بعض المسائل المهمة في هذا الشأن وهي التالي :
الملاحظة (1): يفضل الباحث استخدام عبارة مبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات على عبارة مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، على اعتبار ان عبارة الشرعية وان كانت هي الشائعة في الاستخدام لها مدلول سياسي يتمثل بثقة المحكومين بالحكام وبتصرفاتهم بغض النظر عن مشروعيتها ومدى مطابقتها للنص القانوني، في حين تعني المشروعية وجود النص القانوني المعني بتجريم الافعال التي تنتهك القيم والمصالح الجديرة بالحماية.
الملاحظة (1): يفضل الباحث استخدام عبارة مبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات على عبارة مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، على اعتبار ان عبارة الشرعية وان كانت هي الشائعة في الاستخدام لها مدلول سياسي يتمثل بثقة المحكومين بالحكام وبتصرفاتهم بغض النظر عن مشروعيتها ومدى مطابقتها للنص القانوني، في حين تعني المشروعية وجود النص القانوني المعني بتجريم الافعال التي تنتهك القيم والمصالح الجديرة بالحماية.
الملاحظة (1): علينا ونحن نتحدث عن مبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات ان نميز بين الصياغتين
التاليتين:
أ. لا
جريمة ولا عقوبة الا بناءا على قانون : كما هو الحال في المادة (1) من قانون العقوبات رقم 111
لسنة 1969 المعدل وهذه الصياغة تعني ان
تجريم الافعال والعقوبة عليها تكون اما (بقانون) او (ما بني عليه، اي القرارات
الادارية التي تبني في اصدارها على قانون) وبموجب هذه الصياغة فأن القوانين والقرارات
الادارية تكون المعنية بتجريم الافعال والمعاقبة عليها.
ب. لا
جريمة ولا عقوبة الا بنص (قانون) : وبموجب هذه الصياغة فأن القانون الصادر عن السلطة التشريعية هو المصدر
الوحيد لتجريم الافعال والمعاقبة عليها، واستنادا للدستور العراقي 2005 في المادة
(19/2) منه فان الصياغة النافذة (لا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني) وكون
الدستور هو القانون الاعلى ولا يجوز للقوانين ان تخالف احكامه والا نالها عدم
الدستورية، فإن الصياغة الثانية بعد دستور 2005 هي المعمول بها، ولا يحق بناءا
على ذلك للسلطة التنفيذية ان تجرم وتعاقب عليها بناءا على القوانين .
الملاحظة (3) : القوانين
الموضوعية (العقابية) كما ذكرنا قبل
قليل تقسم الى قسمين , قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 , والقوانين المعدلة له.
وقوانين اخرى
مستقلة جاءت لتجرم افعال مستقلة لم ينظمها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 ,
كقانون مكافحة البغاء , وقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل (المستقلة) .
الملاحظة (4) : وهذه الملاحظة ترتبط بالملاحظة الثالثة وتكملها :
وفيما يتعلق
بقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل وكما علمنا في الملاحظة الثانية انها على نوعين
الاولى معدلة لقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 , واخرى جاءت مستقلة تجرم افعال
لم يتطرق لها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 شأنها شأن العديد من القوانين
المستقلة التي اشرنا اليها .
وفي هذا الشأن
نشير الى امر في غاية الاهمية ارجوا من القارئ العزيز الالتفات اليه الا وهو :
أ. فيما يتعلق بقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل المستقلة
, فأنها لا تزال نافذة وملزمة في التطبيق الا ما عدل او الغي منها بقانون او قررت
المحكمة الاتحادية بعدم دستوريته وبالتالي الغائه.
ب. اما فيما يتعلق بقرار مجلس قيادة الثوة المنحل المعدلة
بقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 ففي هذه القرارات علينا ان نميز بين
مرحلتين :
1. القرارات المعدلة لقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 :
الصادرة منذ 1970 وحتى 1984 فأن هذه القرارات لا زالت نافذة وملزمة مالم تعدل او
تلغى بقانون او تقضي المحكمة الاتحادية بعدم دستوريتها وبالتالي الغائها .
2. القرارات المعدلة لقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 :
الصادرة منذ 1985 وحتى 2003 , فأنها "معلقة" ولا يعمل بها طبقا لأمر
سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم 7 لسنة 2003 والذي اعتمد قانون العقوبات
(الطبعة الثالثة) .
والسبب في ذلك
ان سلطة الائتلاف المؤقتة ترى ان السلطة الحاكمة حينها قد تعسفت في فرض عقوبة
الاعدام منذ 1985 وحتى 2003 على اتفه الجرائم وهو رأي جدير بالاحترام.
الفرع الثاني
عدم رجعية القوانين
الجنائية على الماضي
1. القوانين الموضوعية (العقابية): فالمبدأ العام هو عدم رجعيتها على
الماضي وذلك كأثر مترتب على مبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات على اعتبار ان الفعل قبل
صدور التشريع كان مباحا , وسار الافراد في
تصرفاتهم طبقا لذلك , فليس من العدل ان تساءلهم عن افعال كانت حينها مباحة وان الاصل في الافعال
هي الاباحة، او ان تفرض عليهم عقوبة او تدبير لم تكن موجودة او اشد جسامة مما كانت
عليه في السابق .
الا انه بنفس
الوقت ترد على هذا المبدأ عدد من الاستثناءات :
أ.
القوانين المفسرة :
فالقوانين المفسرة لا تأتي بجديد غير انها توضح حكم قائم وقانون نافذ, فالقانون
المفسر يتحد مع القانون الاصل وبذلك تسري
ما ورد فيه من تفسيرات على الماضي وهذا المعنى هو ما اكدته محكمة التمييز في احدى
قراراتها بقولها :
( ان القواعد
القانونية المفسرة والموضحة تسري على ما سبق من الوقائع بدون ان ينص صراحة على
سريانها على الماضي)[1]
ب.
القوانين الاصلح للمتهم : لما كان مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية على الماضي كنتيجة من نتائج
مبدأ مشروعيةالجرائم والعقوبات ضمانة من ضمانات المتهم ولصالحه.
فان سريان
القانون الجنائي الاصلح للمتهم على الماضي قد جاء تجسيدا وتأكيدا للضمانة
المذكورة، على اعتبار ان القانون النافذ قد جاء لصالح المتهم كأن يبيح الفعل
المجرم سابقا او يخفف من العقوبة المفروضة.
تطبيقات
القانون الجنائي الاصلح للمتهم
نتساءل عن
كيفية معرفة القانون الاصلح للمتهم وبالتالي امكانية سريانه على الماضي، بمعنى اخر
: متى يعد القانون الجنائي لصالح المتهم حتى نتحدث حينها عن امكانية سريانه على
الماضي:
I-
حين يأتي قانون جديد يلغي جريمة قائمة في القانون السابق
وأصبح الفعل بمقتضى القانون الجديد فعلا مباحا فان القانون الجديد في هذه الحالة
اصلح من القانون القديم وبالتالي سريانه على الماضي وكذلك الحال اذا اضاف القانون
الجديد سببا من اسباب الاباحة او مانع من موانع المسؤولية الجنائية.
II-
واذا كان القانون الجديد يضيف ركنا جديدا الى الجريمة،
فهو اصلح للمتهم حيث ان تطبيقه (اي القانون الجديد) يؤدي الى تبرئة المتهم على
اعتبار ان الفعل الذي ارتكبه لم تتوفر بالنسبة له عناصر الجريمة جميعها، كاشتراط
المشرع وقوع فعل في زمان او مكان معين او صفة تقوم في الفاعل او في المجني عليه.
III-
اذا جاء القانون الجديد بعقوبة اخف مما هي عليه في
القانون القديم فانه بالتأكيد اصلح للمتهم ولكن نسئل متى تكون العقوبة اخف مما هي
عليه في السابق، ان الضابط في معرفة القانون الاصلح للمتهم من حيث العقوبة تكون
على الشكل التالي:
·
من حيث نوع الجريمة: فالجرائم من حيث شدتها والعقوبة
المفروضة عليها تقسم الى جناية وجنحة ومخالفة ، وتطبيقا لذلك فان عقوبة المخالفة
اخف من عقوبة الجنحة، والاخيرة اخف من عقوبة الجناية.
فاذا جاء
القانون الجديد وجعل العقوبة ما يُعادل عقوبة الجنحة في الجرائم التي كانت في
القانون القديم جناية، فان القانون الجديد أصلح للمتهم.
·
من حيث درجة العقوبة: في بعض الاحيان قد يأتي القانون
الجديد ليغير العقوبة دون تغير نوع الجريمة، وفي حالة تكون العقوبة الاخف هي
الادنى والاوطأ درجة حسب الترتيب القانوني لها بين زميلتها من عقوبات النوع الواحد
من الجرائم.
فالعقوبات في
القانون العراقي: (الاعدام، السجن المؤبد، السجن المؤقت، الحبس الشديد، الحبس
البسيط، الغرامة، الحجز في مدرسة الفتيان الجانحين، الحجز في مدرسة اصلاحية).
وتطبيقا لما
تقدم فان الحبس البسيط اخف من الحبس الشديد، والحبس الشديد اخف من السجن المؤقت،
والسجن المؤقت اخف من السجن المؤبد، والمؤبد اخف من عقوبة الاعدام؛ والغرامة اخف
من جميع العقوبات المذكورة.
·
من حيث مدة العقوبة أو مقدارها: عندما تكون العقوبة من
نوع واحد في القانون الجديد ومن درجة واحدة كأن تكون السجن المؤقت فان المعيار
الذي بموجبه يتحدد اصلحية القانون يكون بالشكل التالي:
أ-
العقوبة التي حدها الاعلى والادنى هما الاخفض: فعقوبة
السجن من خمس سنوات الى ثمان سنوات اخف من عقوبة السجن من ست سنوات الى عشر سنوات.
ب-
والعقوبة التي حدها الادنى هو الاخفض تكون في صالح
المتهم، اذا تساوى الحد الاعلى في العقوبات، فعقوبة السجن من ست سنوات الى عشر
سنوات اخف من عقوبة السجن من ثمان سنوات الى عشر سنوات ، وذلك لان مجال النزول
بالعقوبة الى القلة اكثر في العقوبة الاولى منه في الثانية.
ج-
العقوبة التي حدها الاعلى هو الاخفض هي الاصلح اذا تساوى
الحد الادنى: في العقوبات، فعقوبة السجن من خمس سنوات الى ثمان سنوات اخف من عقوبة
السجن من خمس سنوات الى عشر سنوات لان مجال الارتفاع في الثانية اوسع.
د-
والعقوبة التي حدها الاعلى هو الاخفض هي الاصلح للمتهم
اذا اختلف الحدان الاعلى والادنى بين العقوبات، فعقوبة السجن من خمس سنوات الى
ثمان سنوات اخف من عقوبة السجن من ست سنوات الى عشر سنوات.
ومما هو جدير
بالذكر ان قانون العقوبات العراقي كغيره من غالبية القوانين الجنائية الحديثة كان
قد حدد العقوبات بتعيين حدها الاعلى فقط دون تحديد الحد الادنى.
وبذلك يكون قد
جنبنا كثيرا من الصعوبات التي قد تثور في مجال تحديد العقوبة الاخف، واذا كان
القانون الجديد يتضمن احكاما في صالح المتهم واخرى ليست في صالحه فيطبق عليه
الاصلح منها دون غيره الا اذا كان يبدو ان القانون يريد من هذه الاحكام جميعا وحدة
واحدة لا تتجزء ففي هذه الحالة لا يسوغ ان يطبق بعضها دون البعض الاخر لعدم
قابليتها للتجزئة.
وقبل ان ننتهي
من الحديث عن موضوع القانون الاصلح للمتهم ينبغي ان نذكر الملاحظات التالية:
الملاحظة
(1): للمتهم
الاستفادة من القانون الاصلح للمتهم سواء قبل صدور الحكم النهائي او بعد صدور
الحكم النهائي.
الملاحظة (2): ان سريان القانون الجنائي الاصلح للمتهم على الماضي يقتصر على الجانب
الجزائي دون المدني من حيث المبدأ، فاذا صدر قانون عفو او قانون يلغي الجريمة
القائمة وكان المحكوم عليه ملزم بالتعويض فان التعويض لا يسقط مع سقوط الجريمة
والعقوبة.
الملاحظة
(3): ان
القانون الاصلح للمتهم لا يشمل القوانين الجنائية محددة الفترة والتي تصدر لمواجهة
ظروف غير عادية كالحرب او في الازمات الاقتصادية، وبالتالي فان القانون الجديد لا
يسري على الماضي وان جاء في صالح المتهم.
2- القانون الاجرائي (الشكلي): تقسم القوانين من حيث موضوعها الى قوانين موضوعية واخرى
اجرائية ، ولم يكن الامر مختلفا بالنسبة للقوانين الجنائية.
يمكن تعريف
القوانين الجنائية الموضوعية (العقابية) بانها: (مجموعة القواعد القانونية التي
تنظم اصل الحق).
بينما تعرف
القوانين الجنائية الاجرائية (الجزائية) بانها: (مجموعة القواعد القانونية التي
تنظم اجراءات الوصول الى الحق).
ان الحديث عن
النتائج المترتبة على مبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات لا تُثار الا في القوانين
الجنائية الموضوعية (قانون العقوبات) على اعتبار ان الاخيرة هي المعنية بتجريم
الافعال والمعاقبة عليها.
وبذلك فان
القوانين الجنائية الاجرائية من حيث المبدأ تسري على الماضي على اعتبارها قواعد
قانونية غير معنية بالتجريم والعقاب وانما تنظم اجراءات التحقيق والمحاكمة للوصول
الى الحقيقة التي بموجبها يدان المتهم او يبرء.
وعلى الرغم من
ذلك فان الفقه ومن ورائه القضاء يفرق بين نوعين من القوانين الاجرائية، بين من لها
تماس مباشر ومؤثر على مركز المتهم وبين اخرى لا يتأثر بها مركز المتهم، وبذلك فان
القانون الاجرائي الجديد الذي لا يؤثر على مركز المتهم ولم يكن للأخير حق مكتسب في
ظل القانون القديم فان القانون الجديد يكون قابلا للسريان على الماضي.
This comment has been removed by the author.
ReplyDeleteThank you for a very good blog, I wish you success always
ReplyDelete