آثار النزاعات المسلّحة على معاهدات حقوق الانسان
(دراسة في أعمال لجنة القانون الدولي)
المستخلص:
تشترك
معاهدات حقوق الانسان مع المعاهدات الدولية الاخرى في ان جميعها لم تَصُغْ لها
الممارسات الدولية أو الدراسات الفقهية مبدأ عاما متفقا عليه لتحديد نفاذها في
حالات النزاعات المسلحة، كما أصبح من الصعب تحديد أي من النزاعات المسلحة تؤثر على
مراكز المعاهدات الدولية، وأي من تلك النزاعات التي لا تؤثر، ولعل ذلك يعود الى ان
مصطلح النزاع المسلح قد أصبح يدل على طائفة متنوعة من الظروف، ولما كان كل نزاع
مسلح ينطوي على ظروف واسعة التباين من حيث حجم النزاع وطبيعة المعاهدات المعنية،
وعلاقة الدول المعنية بالذات، فانه يصعب صياغة قواعد تسري على الحالات جميعها،
وينجم عن ذلك تباين واسع في ممارسة الدول تعاملت معه المحاكم والادارات السياسية
بحذر له ما يبررهُ.
لقد
لاحظت لجنة القانون الدولي هذا التباين والغموض فكان من جراء ذلك ان قامت باعتماد
ذلك الموضوع في احدى مشاريعها للسعي نحو تحديد وتوحيد الممارسات الدولية وازالة
الغموض عنها.
فقامت
بتعريف مصطلح النزاع المسلح لتحدد من خلاله النزاع المسلح الذي من شأنه ان يؤثر
على مراكز المعاهدات الدولية، من خلال اعتماد التعريف الذي جاءت به المحكمة
الجنائية الدولية ليوغسلافيا في قضية المدعي العام ضد تاديتش عام 1995، بعد
مناقشات مطولة دارت في لجنة القانون الدولي، وهو ما تناولناه في المبحث الأول من الفصل
الأول بعدما استعرضنا موقف الفقه والنصوص القانونية والقضاء من مفهوم النزاع
المسلح، في حين تناولنا في المبحث الثاني مفهوم معاهدات حقوق الانسان، من خلال
تعريفها وتصنيفها وتحديد طبيعة أحكامها، فكان عنوان الفصل الأول: "مفهوم
النزاع المسلح ومعاهدات حقوق الانسان".
أما
بشأن المبدأ العام الذي يحكم نفاذ المعاهدات الدولية أثناء النزاع المسلح والذي
تناولناه في الفصل الثاني بعنوان: "نفاذ معاهدات حقوق الانسان أثناء النزاع
المسلح"، فإن لجنة القانون الدولي قامت باعتماد المبدأ العام الذي جاء به
معهد القانون الدولي عند تناوله موضوع أثر النزاع المسلح على المعاهدات في دورة
هلسنكي عام 1985، وبموجبه فان النزاع المسلح لا يؤدي بحد ذاته الى انهاء أو تعليق
المعاهدات الدولية، وإنما تخضع المعاهدة الدولية لمجموعة اختبارات يتم من خلالها
تحديد نفاذها في ظرف النزاع المسلح. وكان تفصيل ذلك في المبحث الاول من هذا الفصل
والذي حمل عنوان: "المبدأ العام لنفاذ المعاهدات أثناء النزاع المسلح".
في حين تناولنا في المبحث الثاني من الفصل
المذكور والذي حمل عنوان "نفاذ معاهدات حقوق الانسان طبقا لموضوعها"، كل
ما يتعلق بتأكيد نفاذ معاهدات حقوق الانسان أثناء النزاع المسلح، من تقارير وقرارات
دولية صادرة عن أجهزة الأمم المتحدة، فضلا عن السوابق القضائية والدراسات الفقهية
والتعليقات التي أوردتها لجنة القانون الدولي الخاصة بمعاهدات حقوق الانسان، وذلك
في المطلب الأول من المبحث المعني، لنتناول في المطلب الثاني دور قاعدة التخصيص في
تحديد نفاذ معاهدات حقوق الانسان أثناء النزاع المسلح.
ان
تأكيد نفاذ معاهدات حقوق الانسان في ظرف النزاع المسلح طبقا لموضوعها لا يغني عن
أحكام هذه المعاهدات ذاتها، والتي في بعض الأحيان هي من تحدد مصير نفاذها في ذلك
الظرف، وفي كل الأحوال فأن عوارض النفاذ التي ترد على المعاهدات الدولية، بما فيها
معاهدات حقوق الانسان ليست تدابير عفوية تلجأ اليها الدولة دون مراعات شروطها،
فشرعية اللجوء الى استخدام القوة، وشروط أخرى اجرائية وموضوعية تُفرض على ارادة
الدولة التي ترغب في اللجوء الى عوارض النفاذ، وهو ما عالجناه في الفصل الثالث تحت
عنوان: "عوارض نفاذ معاهدات حقوق الانسان أثناء النزاع المسلح وشروطها"،
من خلال تناول عوارض نفاذ معاهدات حقوق الانسان أثناء النزاع المسلح في المبحث
الأول، وشروط عوارض النفاذ في المبحث الثاني.
ان
أهمية دراسة موضوع نفاذ معاهدات حقوق الانسان أثناء النزاع المسلح تكمن في ان
تناول مركز معاهدات حقوق الإنسان في ظرف النزاع المسلح، يشكل الشغل الشاغل لدى
الكثير من الدول والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، العالمية منها والإقليمية،
إضافة لذلك فإن معاهدات حقوق الإنسان لا تقل أهمية عن اتفاقيات القانون الدولي
الإنساني في توفير الحماية للإنسان في ظرف النزاع المسلح، وفي نفاذها تعزيز واستكمال
لأحكام القانون الدولي الإنساني في الكثير من مجالات الحماية.
اذا كانت هناك معلومات اضافية يريد القارئ الكريم اضافتها او تعديلها فذلك يسعد الباحث لتعم الفائدة على الجميع.
ReplyDelete