إذا أردتم النجاة، فحافظوا على القدوة الحسنة!*
د. محمد
عدنان علي الزبر
لا تعجب عزيزي
القارئ الكريم وأنت تستقرئ الواقع الاجتماعي العراقي لاسيما وسطه الشبابي فتراه
ضائعا في نفقٍ مظلم حيث لا نور ولا مخرج فيه، بين من هو غارقاً في وحل الضياع
والميوعة متامهيا بما يسوقه الاعلام من بعض البرامج فارغة المحتوى وأبطالها
كالإسفنجة أُعدت لتكون جميلة المظهر والمنظر فارغة المحتوى، أو بين من يعيش التطرف
في أشد صوره حتى صار العراق يتصدر الارهاب ووصف بانه هارفرد الارهاب "اذا كنت
تريد أن تكون إرهابيا اذهب الى العراق!" الرئيس الامريكي ترامب،
أو بين من تراه ضائعا في البحث عن المال أيا كان مصدره ليشبع من خلاله ملذاته
التائهة كشخصه.
يدفعنا ذلك
التوصيف لإثارة التساؤل عن دوافعه وأسبابه، وبلا شك ان الاجابة عن ذلك ليست بالأمر
الصعب فهي تكمن في البيئة الاجتماعية التي أصبحت ملائمة لتتنامى فيها تلك الظواهر
الاجتماعية، وبحسب كاتب هذه السطور ان السبب الاساسي الذي نمى هذه البيئة الطاردة
لكل ما هو نافع هو غياب القدوة الحسنة في المجتمع أو تهميشها على أقل تقدير، ونسوق
لحضراتكم بعض فئات المجتمع لتكتمل عندكم الرؤية والمقصد:
v
الاب والقدوة الحسنة: لم يعد الاب نبيا في منظار أهله، ولم يعد ذلك الانسان الكادح لنيل "خبز
الحلال وبكرامة"، فالحلال والكرامة لم يعد يلتقيان معاً في مجتمعنا، إلا
ما رحم ربي، فتراه الاب اما غارقا في الذُل لنيل الحلال، أو معززا بكرامة
العيش من كسب الحرام، وهو ما بين هذه أو تلك لم يعد انسانا قدوة في نظر نفسه وابنائه،
فليس من طموح الانسان أن يعيش الذلِ الى الابد، ومن يناله الحرام لم يُعد قدوة حسنة في
نظر نفسه حتى وان توجهُ المال ليصبح قارون عصره.
v
المعلم والقدوة الحسنة: تعلمنا من أدبياتنا والتي صاغها أحمد شوقي في بيته الشعري القائل:
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا، كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا، على اعتبار ان
المعلم هو الأنموذج التربوي الذي تتربى على يديه الاجيال، وتُصاغ من خلاله شخصياتهم
وأفكارهم فيراه المجتمع الانسان القدوة تحاطه الهيبة من كل جانب، والاحترام القريب
الى القدسية فتمتزج قدسيته بقدسية العلم والمعرفة والتقدم والرقي والحضارة، فيتمناه
كل انسان طامح أو على الاقل يرى الانسان الطموح الى ذاته من منظار قدوته المعلم، فترى
روحه تبحر في حب المعرفة والعلم عسى أن ينال من بركات الهيبة التي نالها رجال
العلم والمعرفة وفي مقدمتهم معلمهم أو مدرسهم أو استاذهم الجامعي.
وهنا نتساءل أين هو معلم اليوم من كل هذا؟، فان الامر اليوم معكوس تماماً، فلم يعد المعلم ذلك القدوة، بل على العكس تماما، لاسيما اذا كان ذلك المسكين معلما في مدرسة أو جامعة أهلية، فليسمح لي أحمد شوقي أن اتلاعب في صياغة بيته الشعري المقدس، ليعبر عن لسان حال معلم اليوم بقوله: قم للطالب ووفه التبجيلا، كاد الطالب أن يكون للمعلم معيلا، وعلى تعبيرنا الدارج (أبو الخبزة)، حتى أصبح التعليم بضاعة تُباع وتُشترى، والمعلم في هذه التجارة أرخص سلعتها، ولذلك لا غريب، عندما لا يكون المعلم ذلك القدوة التي أُتخمت ادبياتنا في تسطيرها، ولا عجب عندما نرى بأن المعلم من أكثر الفئات الاجتماعية ضحية حتى تفضل المشرع العراقي بتشريع قانون يحميه من اعتداء الطالب أو ذويه أو عشيرته، بالقانون رقم 8 لسنة 2018، وعلى المعلم تستطيع أن تقيس على عدد من فئات المجتمع التي تشاركه المعرفة والبئس الاجتماعي كالمحامي والطبيب والاستاذ الجامعي وعلى غيرهم يمكننا القياس.
v الموظف والقدوة الحسنة: لم يعد الموظف النزيه والمخلص في عمله مرغوبا به من حيث العادة، فهو في منظور اقرانه قليل الحيلة والتدبير، حتى ساد التلازم ما بين النزاهة وقلة التدبير والفشل الاجتماعي، فمن منا لا يعرف المثل الشعبي السائد والقائل: (البي زود يعبي بالسكلة ركي)، وليت شعري كيف للموظف النزيه ان يكون قدوة حسنة في ظل هذه الفوضى، وهذا الضياع والانحدار بالقيم الاخلاقية والانسانية معا.
وهنا نتساءل أين هو معلم اليوم من كل هذا؟، فان الامر اليوم معكوس تماماً، فلم يعد المعلم ذلك القدوة، بل على العكس تماما، لاسيما اذا كان ذلك المسكين معلما في مدرسة أو جامعة أهلية، فليسمح لي أحمد شوقي أن اتلاعب في صياغة بيته الشعري المقدس، ليعبر عن لسان حال معلم اليوم بقوله: قم للطالب ووفه التبجيلا، كاد الطالب أن يكون للمعلم معيلا، وعلى تعبيرنا الدارج (أبو الخبزة)، حتى أصبح التعليم بضاعة تُباع وتُشترى، والمعلم في هذه التجارة أرخص سلعتها، ولذلك لا غريب، عندما لا يكون المعلم ذلك القدوة التي أُتخمت ادبياتنا في تسطيرها، ولا عجب عندما نرى بأن المعلم من أكثر الفئات الاجتماعية ضحية حتى تفضل المشرع العراقي بتشريع قانون يحميه من اعتداء الطالب أو ذويه أو عشيرته، بالقانون رقم 8 لسنة 2018، وعلى المعلم تستطيع أن تقيس على عدد من فئات المجتمع التي تشاركه المعرفة والبئس الاجتماعي كالمحامي والطبيب والاستاذ الجامعي وعلى غيرهم يمكننا القياس.
v الموظف والقدوة الحسنة: لم يعد الموظف النزيه والمخلص في عمله مرغوبا به من حيث العادة، فهو في منظور اقرانه قليل الحيلة والتدبير، حتى ساد التلازم ما بين النزاهة وقلة التدبير والفشل الاجتماعي، فمن منا لا يعرف المثل الشعبي السائد والقائل: (البي زود يعبي بالسكلة ركي)، وليت شعري كيف للموظف النزيه ان يكون قدوة حسنة في ظل هذه الفوضى، وهذا الضياع والانحدار بالقيم الاخلاقية والانسانية معا.
v
رجل الدين والقدوة الحسنة: كان القائمين على السلطة يستبعدون الدين عن زمام الحكم والسلطة،
لتمارس المؤسسات الدينية مهامها الروحية بعيدا عن السياسة أو السلطة على أقل تقدير
وإن تبنت نظريات سياسية، فترى الناس يتسارعون الى الدين كلما ضاقت بهم السبل
وارهقتهم ماديات الحياة ومصاعبها فيستظلون بمثاليته واعراضه عن الدنيا أو التخفيف
من وطأتها، حتى صار رجل الدين الرمز الذي يُنظر اليه بأنه الانسان الغارق في ذات ربه،
والعارض عن الدنيا وملذاتها، فصار الانسان القدوة لكل من أثقلته الدنيا وغرائزه
وتبقى مخيلته ترسم له رجل الدين ذلك الانسان الذي ينبغي أن يستعين بمبادئه وحلاله
وحرامه ليتقرب من خلال تعاليمه الى الذات الالهية وبالتالي الى الكمال.
أما اليوم فان رجل الدين لم يعد كذلك بعدما نالته السياسة المنحرفة أي نيل، وصار ممن يدعون الى تعاليم الدين دون تطبيقها، ويلهثون على نيل مكتسباتهم وامتيازاتهم ليعيشوا حياة الملوك ويدعون الى عيش حياة الصالحين، فصار معظمهم حاله كحال ذلك يدعوا الى الصلاة ولا يصلي، فلم يعد رجل الدين كما كان ذلك الانسان القدوة، أو على أقل تقدير فان الانسان القدوة الحسنة من رجال الدين أصبح مهمشا، حتى لا تكاد تراه العين، أو تنظر اليه نظرة الشك والريبة.
أما اليوم فان رجل الدين لم يعد كذلك بعدما نالته السياسة المنحرفة أي نيل، وصار ممن يدعون الى تعاليم الدين دون تطبيقها، ويلهثون على نيل مكتسباتهم وامتيازاتهم ليعيشوا حياة الملوك ويدعون الى عيش حياة الصالحين، فصار معظمهم حاله كحال ذلك يدعوا الى الصلاة ولا يصلي، فلم يعد رجل الدين كما كان ذلك الانسان القدوة، أو على أقل تقدير فان الانسان القدوة الحسنة من رجال الدين أصبح مهمشا، حتى لا تكاد تراه العين، أو تنظر اليه نظرة الشك والريبة.
v
رجل السياسة والقدوة الحسنة: من يزاول السياسة ينبغي أن يكون غارقا بنكران الذات، ان يسلم ابتداءً
بانه سيعيش حياة التعفف والشقاء لأنها عيشة الانبياء والمناضلين، ليبقى الانسان
القائد والقدوة بعين الناس، وليكون قريبا من مشاعرهم وتجسيدا لمعاناتهم وألآمهم
وليكون ضميرهم النابض والطامح للعيش بكرامة وسعادة.
ولعل صاحب هذه السطور غير مبالغ حينما يقول بأن السياسي ينبغي أن يكون نبيا ظل الله وخليفته في أرضه يروا الناس فيه رحمة الله وغيرته عليهم، يعز على الناس أن يروا حاكمهم مغرقا بالترف وهم يعيشون الشظف، ويؤلمهم أي الم وهم ينذروا أنفسهم وأولادهم وأوطانهم ليعيش المسؤول, وابن المسؤول وحاشية المسؤول، حتى صارت السياسة تجارة لا نضال، والشعب مصدرا لإعادة تدوير البؤس والشقاء لا مصدرا للسلطة، والحاكم خليفة الشيطان في ارض الله لا خليفة الله، فسقط السياسي القدوة، وحل محله تاج الراس والخط الاحمر!.
ولعل صاحب هذه السطور غير مبالغ حينما يقول بأن السياسي ينبغي أن يكون نبيا ظل الله وخليفته في أرضه يروا الناس فيه رحمة الله وغيرته عليهم، يعز على الناس أن يروا حاكمهم مغرقا بالترف وهم يعيشون الشظف، ويؤلمهم أي الم وهم ينذروا أنفسهم وأولادهم وأوطانهم ليعيش المسؤول, وابن المسؤول وحاشية المسؤول، حتى صارت السياسة تجارة لا نضال، والشعب مصدرا لإعادة تدوير البؤس والشقاء لا مصدرا للسلطة، والحاكم خليفة الشيطان في ارض الله لا خليفة الله، فسقط السياسي القدوة، وحل محله تاج الراس والخط الاحمر!.
v
أخيرا:
ونحن ندعوا الى مجتمع أمن ومستقر وبيئة جاذبة لا طاردة للكفاءات والرموز الوطنية
والانسانية، علينا أن نعيد احياء الانسان القدوة، أن تعود الى الاب كرامته وهو
يبحث عن رغيف الخبز بحلال، والى المعلم وهو يمارس رسالة العلم والمعرفة، والى
السياسي الزاهد وهو يناضل من أجل كرامة الانسان واسعاده، ورجل الدين غير السياسي
وهو يدعو الى الله.
Comments
Post a Comment
يرجى مشاركة ارائكم ومقترحاتكم