القطاع الخاص مرةً أخرى
الكليات والجامعات الاهلية أنموذجا
د. محمد عدنان علي الزبر
تناولنا في مقال سابق نُشر في جريدة الزمان بإحدى
اعدادها عن أهمية القطاع الخاص في استيعاب الطاقات الشبابية والكفوئة وتزامن
مقالنا في وقتها مع تشكيل حكومة السيد عادل عبد المهدي، ونظرا لتفجر الاوضاع في
العراق وارتفاع الاصوات المطالبة باستيعاب الطاقات المعطلة عن العمل سواء من حملة
الشهادات العليا او غيرهم فكان ردة فعل الحكومة ان وعدت بالتعيين على ملاك الدولة،
وهو حل بتصور كاتب هذه السطور سيزيد من عبئ الدولة ويثقل كاهلها فترى موازنة
الدولة مثقلة بأعباء مالية غير مبررة اقتصاديا والدوائر الحكومية مليئة بالبطالة
المقنعة!، ولعل القارئ الكريم سيتسائل وهو يقرء هذا المقال عن الحل وهو يعلم جيدا
ان القطاع الخاص في العراق لا يمكن ان يكون هو الحل لانه ببساطة بيئة غير امنة لا
يمكن للعامل فيها ان يشعر بالاستقرار في العمل كما هو الحال لو كان على ملاك
الدولة، ولكن ماذا لو كانت بيئة القطاع الخاص أمنة وأكثر اجرا من قطاع الدولة فهل
ستكون الحل؟!، الجواب بالإيجاب، فالحل ليس ان يترك العامل في القطاع الخاص
يصارع بقائه ولسان حال الدولة اذهب ايها العامل انت وربك فقاتلا، وللقارئ الكريم
وذوي الشأن بعض المسائل التي توفر البيئة الامنة للقطاع الخاص ومن ضمن ذلك الكليات
والجامعات الاهلية.
أولا: الاجرة بين
تعسف صاحب العمل وحاجة العامل: لا نبالغ عندما نقول ان
العامل يقع ما بين مطرقة تعسف صاحب العمل وسندانة الضعف الرقابي للدولة على مدى
تطبيق أحكام قانون العمل رقم 37 لسنة 2015، فعلى الرغم من ان الاخير وفر للعامل
ضمانات كفيلة للحيلولة دون تعسف صاحب العمل في التحكم باجر العامل او تأخير دفع
الاجرة، وعزز تلك الضمانة بجزاء جنائي، إلا ان العامل قليلا ما يستعين بالقضاء
للمطالبة بحقه خوفا من ان يضمر صاحب العمل له العداء ويعاقبه بالطرد لأسباب
يختلقها له، في حين كان الاجدر بوزارة العمل متمثلة بقسم التفتيش بموجب المادة 126
وما تبعها من احكام القانون، ناهيك عن وزارة التربية فيما يتعلق بالمدارس الاهلية
ووزارة التعليم فيما يتعلق بالكليات والجامعات الاهلية عبر دائرة التعليم الاهلي،
في ان تمارس الدور الرقابي في مدى تمتع العامل باجره ومقاضاة صاحب العمل عند
الامتناع او التقصير، لا ان تترك العامل بوجه المدفع!.
ثانيا: الرقابة ودورها
في توفير البيئة الامنة للعامل: من خلال متابعة القرارات
الصادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بواسطة دائرة التعليم الاهلي نجدها
تشدد على توفير بيئة ملائمة للعامل لاسيما حملة الشهادات العليا (التدريسيين) من
خلال الزام الكليات والجامعات الاهلية بإبرام عقد امده اربع سنوات لضمان بقاء
التدريسي في الكليات الاهلية دون ان يفسخ عقده من قبل الكلية وهذه الضمانة على
الرغم من اهميتها غير كافية، فالسؤال الذي يُثار في هذا الصدد لماذا لا تكون مدة
العقد دائمية اسوة بالموظف على الملاك الدائم للدولة لضمان استقرار العامليين في
الكليات الاهلية ودون تعرضهم للطرد من قبل صاحب العمل بعد انتهاء المدة ويتحقق ذلك
من خلال تعديل قانون العمل والنص صراحة على ذلك، او تعديل قانون التعليم الاهلي
رقم 25 لسنة 2016 والنص فيه صراحة على ذلك، كما ينبغي على الجهات الرقابية ان تضع
حدا ادنى للأجر وتجد ضالتها في ذلك في احكام المادة 62 و 63 من قانون العمل وتوفر
بيئة مناسبة لتنافس اصحاب العمل (الكليات والجامعات الاهلية) على تقديم اجر اعلى
للعامل من خلال توفير تسهيلات مالية وادارية، وعلى مستوى الكليات الاهلية تكون
للأخيرة امتيازات اكثر من خلال سعة قبول الطلبة فيها للتي تمنح موظفيها واساتذتها
راتبا اجزى وضمانات اوفر وعلى العكس يقل فيها القبول من تعطي اجرا اقل وضمانة غير
مستقرة في حدود الحد الادنى للآجر دون ان تنزل عنه وفي حال القيام بذلك فإنها
تجازى بالعقوبات الادارية والمالية والتي يتطلب بعضا منها تعديلا تشريعيا على ان
يحظى هذا التوجيه برقابة وزارية مشددة ولا يترك العامل بغض النظر عن مركزه يصارع
لقمة عيشه بمواجهة صاحب العمل!.
ثالثا: الكليات والجامعات
الاهلية رغم وجود القانون رقم 25 لسنة 2016 فإنها بحاجة الى قانون مستقل عن قانون
العمل لاختلاف مراكز العاملين في القطاع الخاص عموما عن العاملين في الكليات
الاهلية والتي سنعالجها بالدراسة في المقالات القادمة ان شاء الله تعالى نظرا
لضرورة التفصيل التي لا يسمح بها المقام في مقال واحد، والله من وراء القصد.
Comments
Post a Comment
يرجى مشاركة ارائكم ومقترحاتكم