Skip to main content

أنظمة الضبط المستقلة

دراسة في دستور 2005 العراقي*

د. محمد عدنان علي الزبر

المقدمة

ان موضوع انظمة الضبط من المواضيع القديمة الجديدة، فعلى الرغم من قدم موضوعاتها إلا انها تُثار كلما صدر قانون جديد والتساؤل عن سندها عند اصدارها ونطاقها وهو ما أُثير فعلا في دستور 2005 العراقي، فعند الرجوع الى ظاهر النص الدستوري في المادة 80/ ثالثا، والتي جاء فيها:

جعل الكثير من الباحثين الى الذهاب بالقول ان الانظمة المستقلة بما فيها انظمة الضبط المستقلة لا يمكن اصدارها في ظل دستور 2005 العراقي نظرا لغياب النص الصريح، والاخذ بهذا الراي له خطورته على الواقع العملة ويغلق الابواب في وجه السلطة التنفيذية (الادارة) في مواجهة المستجدات الطارئة على النظام العام والتي تهدد عناصره لاسيما الامن، عندما يغيب النص القانوني المعني بالضبط، او في مرحلة الفراغ التشريعي كما حصل بعد انتخابات 2018 وتأخر المصادقة على النتائج لظهور شائبة التزوير في الانتخابات.

ما دفعنا في البحث في هذا الموضوع نظرا لأهميته العملية وكذلك النظرية في الاساس الدستوري لإصدار مثل هكذا نوع من الانظمة في ظل توجه ارادة الادارة في اجراءات اصلاحات المهمة والخطيرة في الدولة منها وابرزها الوقاية من الفساد.

المطلب الاول

مفهوم انظمة الضبط

أولا: تعريف أنظمة الضبط: عند الحديث عن انظمة الضبط فإنها تثار عن دور السلطة التنفيذية في حفظ النظام على اختلاف عناصره التقليدية منها وغير التقليدية والوسائل المعينة بها, فأنظمة الضبط اذن وجدت كقواعد عامة تهدف الحماية القطاع العام كأنظمة المرور والقرارات المتعلقة بحماية الصحة العامة, وحماية البيئة من تلوث ومنع الضوضاء وغيرها[1] , كما ان الانظمة لها الدور البارز في تنظيم النشاط الفردي وبعض الحريات الفردية .

فعلى الرغم من الاصل العام هو قيام السلطة التشريعية (مجلس النواب) بتنظيم الحريات والنشاط الفردي في اطار مبادى الدستور, اذا ان القانون هو الوسيلة الاصلية للضبط وتقيد حريات ونشاط الافراد[2] .

ولكن من الناحية العملية, فان هناك مسال امنية وصحية تتعلق بالضبط لا ينظمها القانون عادة, فيتركها للسلطة التنفيذية لتقوم الأخيرة على عاتقها بوضع انظمة ضبط لتنظيم هذه المسائل بالنظر لخبرتها وتمرسها، وفي هذا الصدد تكون الانظمة اما انظمة تستند في اصدارها الى القانون او تكون انظمة مستقلة بدون الاستناد الى قانون سبق صدوره في الموضوع[3].

وفي العراق تحديدا وان سلمنا بإمكانية اصدار الانظمة على اختلاف انواعها –كما سيتضح في المبحث الثاني- المستقلة او المبنية على قانون ومنفذة لها فان الحديث عن تقييد حريات الافراد لا يمكن حصولها الا بالنسبة للأنظمة التي تصدر بناء على قانون ويستبعد بذلك الانظمة المستقلة من ان تكون انظمة محلها تقييد حريات الافراد باي شكل من الاشكال وهذا ما اكدته المادة 46 من الدستور العراقي عام 2005 بنصها: (لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه، على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق او الحرية).

ثانيا: ذاتية الانظمة:

1-             المعيار الشكلي: طبقا لهذا المعيار فان ذاتية الانظمة ومعيار تميزها عن القوانين هو بالرجوع الى الهيئة التي اصدرت العمل او الاجراءات التي اُتبعت في اصداره دون النظر الى موضوعه.

بذلك فاذا كان العمل صادرا عن السلطة التشريعية فهو عمل تشريعي اما اذا كان صادرا من احدى الهيئات الادارية بوصفها فرعا من فروع السلطة التنفيذية فهو عمل اداري[4].

وبموجب هذا المعيار يسهل تمييز الانظمة بما فيها الانظمة الضبطية _ والتي تصدر عن السلطة التنفيذية_ عن القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية.

2-              المعيار الموضوعي: اما في ظل المعيار الموضوعي فان الامر يكون اكثر تعقيدا رغم اهمية رغم اهمية المعيار المذكور فبموجب المعيار الموضوعي فان التمييز بين الاعمال القانونية يتم بموجب النظر الى موضوعها وطبيعة العمل بغض النظر عن الجهة التي اصدرته او الاجراءات التي اتبعت في اصداره فاذا تمثل العمل في قاعدة عامة مجردة فأنشئ مركزا قانونيا عاما اعتبر عملا تشريعيا تحت هذا الوصف الامر الذي دفع كل من القضاء الفرنسي والمصري وكذلك العراقي الى اعتماد المعيار الشكلي في تمييز الاعمال القانونية لتحديد بموجبه المرجع القضائي المعين، فالتشريعات تنظر في حال عدم دستوريتها امام المحكمة الدستورية (المحكمة الاتحادية العليا في العراق) في حين يَنظر القضاء الاداري في مشروعية الانظمة بما فيها انظمة الضبط امام القضاء الاداري.

تجدر الاشارة الى ان الدستور العراقي وعند النص في المادة 93 منه على النظر في دستورية القوانين والانظمة فهو امر محل تساؤل ينبغي الوقوف عنده؟

فبالرجوع الى مبدأ التدرج القانوني فان البحث عن مشروعية الانظمة لا تُثار في النظر في دستوريتها او عدم دستوريتها نظر لوجود حلقة ما بين التشريعين (الدستور والانظمة) والمتمثل بالقانون فذلك يعني ان بحث مشروعية الانظمة تتم من خلال البحث في قانونية او عدم قانونية الانظمة.

وان المشروعية الدستورية تُثار في القوانين لا الانظمة لاسيما واذا علمنا ان الاساس الدستوري في اصدار الانظمة هي المادة 80/ ثالثا والتي نصت على : (اصدار الانظمة والتعليمات والقرارات، بهدف تنفيذ القوانين) وبذلك ربطت المادة المذكورة اصدار الانظمة _من حيث الظاهر على اقل تقدير_ بتنفيذ القوانين وبذلك لا نستطيع الحديث عن الانظمة المستقلة في هذا الصدد في ظل النص المذكور والذي بالإمكان اصداره بعيدا عن القوانين.

إلا اللهم اذا كان الانظمة المقصود بها هنا هو الانظمة الصادرة من غير مجلس الوزراء والتي اجاز لها القانون اصدار الانظمة كما هو الحال بالنسبة لمجالس المحافظات والتي اناط بها القانون المذكور مهمة اصدار الانظمة والتعليمات بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية (المادة 7/ ثالثا، من قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم).

ثالثا: مظاهر انظمة الضبط: تتخذ انظمة الضبط الاداري عدة مظاهر في تقييدها للنشاط الفردي ، منها حظر ممارسة نشاط معين، او اشتراط الحصول على اذن سابق قبل ممارسة النشاط او اخطار السلطات العامة مسبقا، او تنظيم النشاط الفردي.

1-              الحظر: ويعني ذلك النهي عن اتخاذ اجراء معين او ممارسة نشاط مجدد، ومن المسلم به ان المقصود هنا هو الحظر الجزئي المؤقت، اما الحظر المطلق الشامل لنشاط معين قد اجازه القانون او الدستور فانه غير مشروع لأنه يعني الغاء الحرية ومصادرة النشاط وافراغ النص القانون او الدستوري من محتواه.

2-              الاذن السابق: قد تشترط الانظمة الضبط الادارية الحصول على اذن سابق على ممارسة النشاط من السلطة المختصة وذلك في حالة اشتراط الحصول على هذا الاذن من القانون الحرية.

ولكن السؤال الذي يثار في هذا الصدد انه في لو لم يشترط القانون مثل هذا الشرط هل يجوز ان تشترط الانظمة الضبط الادارية مثل هذا الشرط، فالجواب بالنفي لان ذلك لا يتفق مع روح الدستور ونصه وبذلك يجعل النظام غير مشروع وهذا ما اكدته المادة 46 من الدستور العراقي سابقة الذكر التي اجازت تقييد ممارسة الحقوق و الحريات او تحديدها بقانون او بناء عليه[5].

3-              الاخطار السابق: وفي هذه الحالة يعتبر النشاط الفردي غير محظور ولا يُشترط الحصول على الاذن كما في الحالة السابقة من السلطة المختصة قبل ممارسة النشاط والغاية من هذا القيد او الاجراء هو لكي تتخذ الادارة ما يلزم من اجراءات كحماية النظام العام ومنع وقوع أي اعتداء عليه.

4-              تنظيم النشاط: وفي هذه الحالة تكتفي انظمة الضبط في تنظيم النشاط الفردي، من ناحية كيفية وحدود ممارسة هذا النشاط من ناحية اخرى.

 

المطلب الثاني

الاساس الدستوري لأنظمة الضبط المستقلة

كما عرفنا من خلال البحث ان انظمة الضبط على نوعين الاول وهي الانظمة التنفيذية التي تصدر تنفيذا للقوانين ولاشك ان الاساس الدستوري لمثل هكذا انظمة تؤكده احكام المادة 80/ ثالثا والتي جاء نصها: (يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الاتية: ... ثالثا: اصدار الانظمة والتعليمات والقرارات، بهدف تنفيذ القوانين).

اما النوع الثاني من انظمة الضبط وهي الغالب والمتمثلة بأنظمة الضبط المستقلة التي تصدرها السلطة التنفيذية دون الحاجة الى الاستناد الى قانون قائم وتصدر في الظروف العادية كما ان تصدر في الظروف الاستثنائية( حالة الضرورة).

أولا: الاساس الدستوري لأنظمة الضبط المستقلة في الظروف العادية: من خلال استعراض النصوص الدستورية لدستور عام 2005 العراقي نجد غياب النص الصريح الذي يمنح السلطة التنفيذية والمتمثلة بمجلس الوزراء في اصدار مثل هكذا نوع من الانظمة فمن خلال الرجوع الى احكام المادة 80/ ثالثا، مارة الذكر نجدها تقتصر على الانظمة التنفيذية دون سواها وبذلك يُثار التساؤل التالي: هل يحق لمجلس الوزراء في ظل غياب النص الصريح في الوثيقة الدستورية اصدار مثل هكذا نوع من الانظمة، يجيب الباحث على ذلك بالإيجاب متوسلا في رأيه الادلة والاسانيد التالية.

1-              الرأي الفقهي: فقد ثار الخلاف المذكور في مصر كتجربة دستورية مقارنة حول مدى امكانية قيام السلطة التنفيذية بإصدار انظمة(لوائح) ضبط مستقلة من دون ان ينص الدستور على حقها في ذلك.

ما دفع الكثير منهم للإجابة وهو ما يؤيده الباحث من حيث المبدأ الى ان المحافظة على النظام العام تقتضي منح السلطة التنفيذية سلطات لا يلزم ان تستمد الى سند تشريعي لان الامن او السلام العام لا يحتمل الاخلال به عند عدم وجود نص تشريعي[6].

وتأكيدا لهذا الرأي يذهب الدكتور محمود عاطف البنا في هذا الصدد: (ان الخلاف الذي كان يثور حول حق السلطة التنفيذية في اصدار لوائح الضبط المستقلة، قبل النص عليه في الدستور المصري قد انتهى الرأي الراجح فيه_ كما انتهى العمل _الى الاعتراف بهذا الحق، تغليبا للاعتبارات العملية المتعلقة بمقتضيات المحافظة على النظام العام).

2-              ارادة المشرع الدستوري العراقي الضمنية في دستور 2005: وعلى الرغم مما تقدم فإننا نجد ان الدستور العراقي عام 2005 قد اجاز ضمنا اصدار مثل هذا النوع من الانظمة كيف؟:

أ‌-                في المادة 93/ اولا من الدستور والمعنية بالرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة.

فإننا نجد ان الدستور العراقي قد نص على الانظمة الى جانب القوانين للنظر في مدى دستوريتها، وهو امر لا يمكن تصوره في الانظمة التنفيذية على اعتبار ان الاخيرة تجد سندها في القانون المنفذة له وعند اثارة مشروعية الانظمة من سواها فان الفيصل في ذلك هي القوانين لا الدستور إلا اللهم اذا كان القانون الذي تجد الانظمة التنفيذية ضالتها فيه مخالفة للدستور فان المشروعية حين ذاك لا تُثار على الانظمة وانما على القانون الذي يتعارض واحكام الدستور، وبذلك واستنادا الى مبدأ اعمال النص اولى من اهماله، وان المشرع منزه من اللغو فان الدستورية بشأن الانظمة لا تُثار الا بشأن الانظمة المستقبلة التي لا ترتبط بقانون والفيصل في تحديد مشروعيتها من سواها حينها يكون الدستور القانون الاعلى في الدولة.

وفي هذا الصدد نؤكد ما ذكرناه في بداية البحث وعند الحديث عن تقييد حقوق الانسان فان هذا النوع من الانظمة (الضبط المستقلة) ينبغي الا تقيد الحريات العامة او الحقوق والا تعارضت مع احكام المادة 46 من الدستور وكان نصيبها عدم الدستورية وبالتالي الالغاء.

تجدر الاشارة وبالرجوع الى قانون مجلس الدولة العراقي المعدل والمادة (7/ ثانيا/ د) فان الانظمة التنفيذية يطعن بعدم مشروعيتها امام محكمة القضاء الاداري من خلال اجراء المضاهاة ما بين النظام المطعون بعدم مشروعيته وبين القانون النافذ او القوانين ذات العلاقة.

ب‌-           من خلال الرجوع الى احكام المادة 122 / ثانيا من الدستور والتي تنص على : (تُمنح المحافظات التي لم تنظم في اقليم الصلاحيات الادارية والمالية الواسعة...) وبموجب النص المذكور نجدها تُمنح المحافظات السلطات الواسعة دون تقييدها بإصدار الانظمة التنفيذية.

وبالرجوع الى قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم رقم 21 لسنة 2008 في المادة 7/ ثالثا منه والمعنية باختصاصات مجلس المحافظة تنص على: (اصدار التشريعات المحلية والانظمة والتعليمات بالتنظيم الشؤون الادارية والمالية).

ومن خلال النص المذكور وكون المطلق يجري على اطلاقه مالم يقيد بنص، وبذلك فان الصلاحيات الممنوحة للمحافظة المتمثلة بمجلس المحافظة هو اصدار الانظمة على اختلاف انواعها بما في ذلك انظمة الضبط المستقلة[7].

وبالرجوع الى احكام المادة 123 من الدستور نجدها تجيز تفويض سلطات الحكومة الاتحادية للمحافظات او بالعكس، بموافقة الطرفين.

ولو افترضنا ان العكس قد حصل فعلا وحصل تفويض المحافظات للحكومة باختصاصات (الادارية الواسعة) التي من شأنها او بموجبها تتطلب اصدار انظمة ضبط مستقلة؟!

ألا يعد ذلك موافقة ضمنية من قبل المشرع الدستوري بالسماح للحكومة الاتحادية ان تتحلى بمثل هكذا صلاحيات.

3-             بموجب العرف الدستوري: فمن خلال الرجوع الى الدساتير العراقية السابقة على دستور 2005 باستثناء دستور 1970 الملغي ( في المادة 58 منه والتي منحت رئيس الدولة صلاحية اصدار مثل هذه الانظمة.

نجدها لا تخول الحكومة اصدار انظمة ضبط عموما بما فيها المستقلة، ولاشك بان غياب النص الدستوري في الوثيقة الدستورية لم يمنع السلطات التنفيذية حينها من اصدار انظمة ضبط وهذه الممارسات لم ينص دستور 2005 صراحة على الغائها.

4-              فكرة الشرعية: واخيرا وان افترضنا عدم صحة ما تقدم جميعا فان الظروف الراهنة وفي ظل ارتفاع نسبة الفساد واستياء الرأي العام العراقي على اختلاف توجهاته وانتماءاته يجعلنا وبقوة ان نركن الى الشرعية وان كان ذلك على حساب المشروعية لاسيما عندما تقف المشروعية بوجه الفكرة القانونية السائدة وتوجهات الرأي العام الشعبي، فاتخاذ الاجراءات الكفيلة بالإصلاح والحفاظ على النظام العام والمحافظة عليه لا يحتاج حينها البحث في مخلفات النصوص القانونية البالية العاجزة عن مواكبة الهيجان الشعبي والارادة الجادة _ان وجدت حق_ للحكومة وهو ما نجده الان فعلا فان مجلس الوزراء وكذلك رئيسه عند اتخاذ أي اجراء قانوني وان يفوق صلاحياته الدستورية وغياب السند القانوني المفوض له تجده يبحث عن ضالته الشرعية في الرأي العام وكأنه يريد الشرعية وان غابت المشروعية وحالت دون طموحاته تحت شعار: (رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة الدولة والقائد العام للقوات المسلحة) (78 من الدستور العراقي).

ثانيا: الاساس الدستوري لأنظمة الضبط المستقلة في الظروف الطارئة: جميع ما تقدم الذي كنا بصدد في حالة الظروف الاعتيادية اما في حالة الضرورة فان المادة (61/ تاسعا) على اختلاف بنودها (أ، ب، ج، د) لاسيما ج والتي تخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من ادارة شؤون البلاد في اثناء مدة اعلان الحرب وحالة الطوارئ وهو امر وحتى لو لم ينص عليه الدستور فان بقاء الدولة وسير مرافقها بانتظام واضطراد يوجب اللجوء الى مثل هكذا اجراءات لحماية النظام العام في الدولة والمحافظة عليه.

الخاتمة

يتضح من خلال الدراسة في موضوع انظمة الضبط المستقلة في دستور 2005 العراقي ما يلي:

1-              ان التسليم بإمكانية اصدار الانظمة المستقلة للضبط الاداري لا يعني تقييد الحقوق الحريات التي نص عليها الدستور العراقي طبقا لأحاكم المادة 46 منه.

2-             من الناحية العملية, فان هناك مسال امنية وصحية تتعلق بالضبط لا ينظمها القانون عادة, فيتركها للسلطة التنفيذية لتقوم الأخيرة على عاتقها بوضع انظمة ضبط لتنظيم هذه المسائل بالنظر لخبرتها وتمرسها، وفي هذا الصدد تكون الانظمة اما انظمة تستند في اصدارها الى القانون او تكون انظمة مستقلة بدون الاستناد الى قانون سبق صدوره في الموضوع.

3-             طبيعة عمل الإدارة وواجباتها تجاه الحفاظ على النظام العام وحمايته وتسليم الفقه بذلك، والارادة الضمنية للمشرع الدستوري العراقي في دستور 2005 والعرف الدستوري جميعها تؤكد امكانية اصدار انظمة مثل انظمة الضبط المستقلة بالإضافة الى التنفيذية.

4-             وحتى لو استبعد كل ما تقدم وهو امر لا نسلم به فان فكرة الشرعية بحد ذاتها كافية وكفيلة بتبرير امكانية اللجوء الى اصدار انظمة الضبط المستقلة في العراق.

5-             اما في حالة الضرورة فان المادة (61/ تاسعا) على اختلاف بنودها (أ، ب، ج، د) لاسيما ج والتي تخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من ادارة شؤون البلاد في اثناء مدة اعلان الحرب وحالة الطوارئ.



* ورقة عمل قدُمت في السنة التحضيرية لدراسة الدكتوراه في القانون العام.



[1] د. ماهر صالح علاوي: الوسيط في القانون الاداري، دار العربية للقانون، ص164-165.

[2] د. محمد رفعت عبد الوهاب: مبادئ واحكام القانون الاداري، منشورات الحلبي، ص239

[3] المرجع نفسه، نفس الصفحة.

[4] د. مازن ليلو راضي: القضاء الاداري، مطبعة جامعة دهوك، 2010، ص178.

[5] يُنظر كذلك: د. عبد الغني بسيوني: القانون الاداري، دراسة تطبيقية لأسس ومبادئ القانون الإداري وتطبيقها في مصر، المعارف، 2005، ص396؛ د. محمد رفعت عبد الوهاب، مرجع سابق، ص240؛ د. سعاد الشرقاوي: القانون الاداري، دار النهضة العربية، 2009، ص160.

[6] يُنظر: د. محمود سعد الدين الشريف: الجهة التي تتولى اصدار لوائح البوليس و ما تلزمه من قيود، بحث منشور في مجلس الدولة، ص181_206؛ يُنظر كذلك سليمان الطماوي: مرجع سابق، ص506.

[7] يذهب الى هذا الرأي الدكتور غازي فيصل ود. عدنان عاجل في مؤلفهم القضاء الاداري، ص35.


Comments

Popular posts from this blog

القدم الوظيفي المترتب عن الشكر والتقدير

                                        هل يترتب على الشكر والتقدير الصادر عن السيد رئيس مجلس الوزراء قدم لستة اشهر؟!   م.د. محمد عدنان علي تدريسي ومدير قسم الشؤون الادارية والمالية في جامعة جابر بن حيان للعلوم الطبية والصيدلانية                       لمقتضيات الوقوف على سياق اداري وقانوني سليم وحماية للمراكز القانونية للموظفين في احتساب مدد القدم نتيجة الشكر والتقدير الممنوح من قبل السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والسيد رئيس الجامعة نسطر ملاحظاتنا القانونية التالية: أولا: جاء في كتاب امانة مجلس الوزراء ذي العدد ق/ 2/ 5/ 27 / 07647 في 11/ 3/ 2020 ، إجابة عن عدد من التساؤلات: (ان الشكر الموجه من قبل السيد رئيس الوزراء يرتب قدما لمدة ستة اشهر)، وهو رأي قانوني غير سليم لم يتوفر فيه سندا   قانونيا   سوى قرار مجلس قيادة المنحل رقم 155 لسنة 2000 والذي جاء نصه : ( يرتب الشكر والتقدير الموجه من رئيس الجمهورية الى أي منتسب في الدولة قدما لمدة ستة اشهر لأغراض الترقية والترفيع والعلاوة وتغيير العنوان الوظيفي ولمدة سنة واحدة للأغراض نفسها في حال تكراره .

تعريف القاعدة القانونية وخصائصها.. عناصرها.. مصادرها

    د. محمد عدنان علي القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعية تنظم العلاقة ما بين الأشخاص  ملزمة ومقترنة بجزاء تفرض على من يخالفها من قبل السلطة العامة. القاعدة القانونية   خصائص القاعدة القانونية عناصر القاعدة القانونية مصادر القاعدة القانونية     خصائص القاعدة القانونية   ·                     القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعية. ·                     القاعدة القانونية عامة مجردة. ·                     القاعدة القانونية تنظم العلاقة ما بين روابط المجتمع. ·                     القاعدة القانونية ملزمة ومقترنة بجزاء تفرض على من يخالفها.   عناصر القاعدة القانونية : ·                      الفرض. ·                      الحكم.             مصادر القاعدة القانونية ·                      المصادر الرسمية أو الشكلية للقانون العراقي. ‌أ-                     التشريع. ‌ب-                 العرف. ‌ج-                   مبادئ الشريعة الاسلامية. ‌

عدد من أسئلة مادة المدخل لدراسة القانون المعنية بموضوع التشريع

(التشريع كمصدر من مصادر القانون)   د. محمد عدنان علي الزبر ملاحظات: ·        هذه الاسئلة تتعلق فقط بموضوع التشريع كمصدر من مصادر القانون. ·        هذه الاسئلة الغاية منها تسهيل الدراسة على الطالب فحسب ولا يُشترط ان يكون نمط الاسئلة الفصلية بذات الطريقة. ·        ينبغي قراءة الاجابة على تلك الاسئلة بتركيز لان فيها احكام قانونية مهمة. س1: هنالك ما يُعرف بالمصدر التاريخي، المصدر المادي، المصدر التفسيري واخيرا المصدر الرسمي للقانون. وضح كل منهما وأيا منهما يرتبط بالمشرع عند صياغة النص القانوني وايهما يرتبط بالقاضي عند تطبيقه. س2: عدد من حيث الاولوية المصادر الرسمية للقانون المدني العراقي. س3: عدد من حيث الاولوية المصادر الرسمية لقانون الاحوال الشخصية العراقي. س4: عدد من حيث الأولوية المصادر الرسمية للقانون الدستوري. س5: ما هو المصدر الرسمي لقانون العقوبات. س6: هل يعد العرف أو الدين مصدر من مصادر قانون العقوبات، ناقش ذلك. س7: حدد المعنى الاصطلاحي للتشريع. س8: للتشريع معنى واسع واخر ضيق، ناقش ذلك. س9: ماهي خصائص التشريع. س10: ماهي مزايا التشريع.؟ س11: