Skip to main content

رأي المحكمة الاتحادية العليا باستقلال مفوضية الانتخابات

المحكمة الاتحادية ما بين عهدين

د.  محمد عدنان علي الزبر

 

توطئة:

 من خلال استعراض قراري المحكمة الاتحادية العليا الاول الصادر سنة 2006 والثاني في 2010 والمعنيات باستقلالية الهيئات المستقلة نجد ان هنالك تباين واضح في موقف المحكمة الاتحادية في تفسيرها رغم انها تؤكد في قرار لاحق ان القرارين لا يختلفان في المضمون سوى الاختلاف في التعابير وهو ما سنعرضه في ورقة العمل هذه وذلك تباعا.

القرار رقم 228: يستفاد من قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم ( 228 / ت/ 2006)،  الأحكام الآتية:

1-             إن الاستقلال المقصود للهيئات المستقلة التي لم يُحدد الدستور جهة ارتباطها هو غير الاستقلال المالي والإداري التي تتمتع به أشخاص القانون العام لأخرى، فهو يعني أن الهيئة تُدير نفسها بنفسها ووفقاً لقانونها لتمكينها من أداء مهامها دون تدخل من إحدى الجهات، وأن منتسبي الهيئة وكلاً حسب اختصاصه مستقلون في أداء مهامهم المنصوص عليها في قانون الهيئة لا سلطان عليهم في أداء هذه المهام لغير القانون.

2-            إن الارتباط الذي ترتبط به بعض الهيئات المستقلة بمجلس النواب وفق نصوص وظيفي بمعنى أنها تُدير نفسها بنفسها ووفقاً لقانونها لتمكينها من أداء مهامها دون تدخل من إحدى الجهات، ولا تكون خاضعة للمجلس من ناحية تعيين الموظفين، وخضوع أولئك الموظفين لسلطة رؤسائهم مباشرة دون سواهم، منتسبو الهيئة وكلاً حسب اختصاصه مستقلون في أداء مهامهم المنصوص عليها في

قانون الهيئة لا سلطان عليهم في أداء هذه المهام لغير القانون ولا يجوز لأية جهة التدخل أو التأثير على أداء الهيئة لمهامها، فالارتباط المذكور لا يعني أن تكون الهيئات جزءاً من مجلس النواب ولا أن يكون موظفوها جزءاً من موظفي مجلس النواب، لأنه ارتباط وظيفي وليس ارتباط عضوي، وليس لمجلس النواب ممارسة السلطة الرئاسية على الهيئات المستقلة.

3-             إن الهيئات المستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب في أداء مهامها.

4-            إن مجلس النواب هو الجهة الوحيدة التي تملك محاسبة الهيئات المستقلة إذا ما حادت عن مهامها أو تجاوزتها، ويتخذ الإجراء المناسب في ذلك.

5-            تتميز الهيئات المستقلة بأنها تتمتع بنوع من الاستقلال في مباشرتها لنشاطها ناشئ عن تمتعها بالشخصية المعنوية، وهذا الاستقلال يتمثل في الاستقلال المالي والإداري والفني، ويقصد بالاستقلال المالي أن تكون للهيئة حسابات مستقلة ومي ا زنية مستقلة، ويقصد بالاستقلال الإداري أن تكون للهيئة

سلطة ذاتية في مباشرة اختصاصاتها، أما الاستقلال الفني فيقصد به أن تكون للهيئة الحق في أن تتبع الأساليب الفنية الملائمة لنشاطها.

القرار رقم 88: في قراراها المرقم 88/ ت/ 2010 ، المحكمة الاتحادية العليا تضع الهيئات المستقلة ومنها مفوضية الانتخابات ضمن المفاهيم التالية:

1.              ان الهيئات المستقلة لا تمت بصلة للسلطات الثلاثة .

2.              ان هذه الهيئات تخضع للسياسة العامة للدولة التي رسمها مجلس الوزراء وتقع تحت رقابة مجلس النواب شأنها شأن الأجهزة التنفيذية الأخرى .

3.              ان آية خضوعها الى السياسة العامة للدولة هو انضوائها تحت مصطلح الهيئات غير المرتبطة بوزارة الوارد في المادة (80/اولاً) من الدستور .

ان معنى الاستقلال اللصيق بهذه الهيئات هو الاستقلال المالي والإداري .

رأي المحكمة في التوفيق ما بين القرارين في القرار رقم 21/ت/ 2011: من خلال استعراض رأي المحكمة المعنون لمجلس النواب والاستفسار حول القرار المفسر رقم 88/ ت/ 2010، وما اذا كان يخالف القرار المفسر رقم 228/ 2006/، اجابت المحكمة بما يلي:

1-            ترى المحكمة ان القرار رقم 88/ ت/ 2010، المؤرخ في 18/ 1/ 2011، لم يكن مختلفا في مضامينه عن القرار الذي اصدرته المحكمة رقم 228/ ت/ 2006، في 9/ 6/ 2006 ونفس المضمون والاختلاف يقتصر فقط في التعابير.

2-            تشير المحكمة ان الاشراف لا يخل باستقلالية عمل الهيئات المستقلة من النواحي المهنية والادارية والمالية.

من خلال ما تقدم وبعد استعراض حكمي المحكمة الاتحادية 228/ ت/ 2006 و 88/ ت/ 2010، والقرار رقم 21/ ت/ 2011 في 1/ 3/ 2011، نخلص الى الملاحظات التالية:

على خلاف ما ذهبت اليه المحكمة الاتحادية في رأيها المرقم 21/ ت/ 2011، نرى ان هنالك تعارض في موقفها المفسر للهيئات المستقلة نجدها في الاول تؤكد على استقلاليتها (الادارية والمالية والفنية)، وعدم خضوعها لغير القانون في حين نجدها في القرار الثاني المفسر تحصر الاستقلالية وبالمالية والادارية، لتعود في رأيها المرسل لمجلس النواب المرقم 21/ت/ 2011، لتؤكد على استقلاليتها المالية والادارية والمهنية، وليت شعرنا ما المقصود بالمهنية هل الاستقلال الفني أم لها معنى اخر؟!.

 الخلاصة:

ان هذا التناقض في أراء المحكمة الاتحادية العليا يجعلها أمام مسؤولية كبيرة وينبغي تصحيح المسار وخصوصا وان قراراتها ملزمة وغير قابلة للطعن، وبالتالي أي تناقض في أراءها تجعلها أمام تساؤل كبير ينبغي معالجته من قبل البرلمان الذي هو السلطة التشريعية العليا في العراق، فكان على المحكمة والحالة هذه أن تشير لمجلس الوزراء إلى ما ذهبت إليه في قراراتها السابقة والمشار إليه أعلاه لأنه حجة بما نص عليه، أما أن تجتهد المحكمة وتناقض ما ذهبت إليه سابقا فيعتبر هذا انتهاكا لحجية القرارات الصادرة منها وتناقضا في إجراءات العدالة التي تستوجب استقرار الإحكام والحفاظ على استقلالية القضاء.


Comments

Popular posts from this blog

القدم الوظيفي المترتب عن الشكر والتقدير

                                        هل يترتب على الشكر والتقدير الصادر عن السيد رئيس مجلس الوزراء قدم لستة اشهر؟!   م.د. محمد عدنان علي تدريسي ومدير قسم الشؤون الادارية والمالية في جامعة جابر بن حيان للعلوم الطبية والصيدلانية                       لمقتضيات الوقوف على سياق اداري وقانوني سليم وحماية للمراكز القانونية للموظفين في احتساب مدد القدم نتيجة الشكر والتقدير الممنوح من قبل السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والسيد رئيس الجامعة نسطر ملاحظاتنا القانونية التالية: أولا: جاء في كتاب امانة مجلس الوزراء ذي العدد ق/ 2/ 5/ 27 / 07647 في 11/ 3/ 2020 ، إجابة عن عدد من التساؤلات: (ان الشكر الموجه من قبل السيد رئيس الوزراء يرتب قدما لمدة ستة اشهر)، وهو رأي قانوني غير سليم لم يتوفر فيه سندا   قانونيا   سوى قرار مجلس قيادة المنحل رقم 155 لسنة 2000 والذي جاء نصه : ( يرتب الشكر والتقدير الموجه من رئيس الجمهورية الى أي منتسب في الدولة قدما لمدة ستة اشهر لأغراض الترقية والترفيع والعلاوة وتغيير العنوان الوظيفي ولمدة سنة واحدة للأغراض نفسها في حال تكراره .

تعريف القاعدة القانونية وخصائصها.. عناصرها.. مصادرها

    د. محمد عدنان علي القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعية تنظم العلاقة ما بين الأشخاص  ملزمة ومقترنة بجزاء تفرض على من يخالفها من قبل السلطة العامة. القاعدة القانونية   خصائص القاعدة القانونية عناصر القاعدة القانونية مصادر القاعدة القانونية     خصائص القاعدة القانونية   ·                     القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعية. ·                     القاعدة القانونية عامة مجردة. ·                     القاعدة القانونية تنظم العلاقة ما بين روابط المجتمع. ·                     القاعدة القانونية ملزمة ومقترنة بجزاء تفرض على من يخالفها.   عناصر القاعدة القانونية : ·                      الفرض. ·                      الحكم.             مصادر القاعدة القانونية ·                      المصادر الرسمية أو الشكلية للقانون العراقي. ‌أ-                     التشريع. ‌ب-                 العرف. ‌ج-                   مبادئ الشريعة الاسلامية. ‌

عدد من أسئلة مادة المدخل لدراسة القانون المعنية بموضوع التشريع

(التشريع كمصدر من مصادر القانون)   د. محمد عدنان علي الزبر ملاحظات: ·        هذه الاسئلة تتعلق فقط بموضوع التشريع كمصدر من مصادر القانون. ·        هذه الاسئلة الغاية منها تسهيل الدراسة على الطالب فحسب ولا يُشترط ان يكون نمط الاسئلة الفصلية بذات الطريقة. ·        ينبغي قراءة الاجابة على تلك الاسئلة بتركيز لان فيها احكام قانونية مهمة. س1: هنالك ما يُعرف بالمصدر التاريخي، المصدر المادي، المصدر التفسيري واخيرا المصدر الرسمي للقانون. وضح كل منهما وأيا منهما يرتبط بالمشرع عند صياغة النص القانوني وايهما يرتبط بالقاضي عند تطبيقه. س2: عدد من حيث الاولوية المصادر الرسمية للقانون المدني العراقي. س3: عدد من حيث الاولوية المصادر الرسمية لقانون الاحوال الشخصية العراقي. س4: عدد من حيث الأولوية المصادر الرسمية للقانون الدستوري. س5: ما هو المصدر الرسمي لقانون العقوبات. س6: هل يعد العرف أو الدين مصدر من مصادر قانون العقوبات، ناقش ذلك. س7: حدد المعنى الاصطلاحي للتشريع. س8: للتشريع معنى واسع واخر ضيق، ناقش ذلك. س9: ماهي خصائص التشريع. س10: ماهي مزايا التشريع.؟ س11: