م.د. محمد عدنان علي زبر
تدريسي ومدير قسم الشؤون الإدارية والمالية
جامعة جابر بن حيان للعلوم الطبية
والصيدلانية
ينبغي ابتداءً عرض الملاحظات التالية قبل الولوج الى أصل الموضوع:
أولا: علينا عند
دراسة أي ظاهرة اجتماعية ان لا ننظر الى القانون بأنه الحل السحري وعصى نبينا موسى
لمعالجة هذه الظاهرة أو تلك في ظل انحدار القيم الأخلاقية المجتمعية، لاسيما ونحن
نعلم بان القانون ما هو الا قاعدة من قواعد السلوك تصطف الى جانبها قواعد سلوك
اجتماعية اخرى وان اختلفت عن القانون في جزائها الا انه قواعد مهمة وملهمة للمجتمع
تتمثل بالدين والأخلاق.
ثانيا: ان القانون وان
كان حلا ناجعا في حال نجاعة الصياغة القانونية وحسن التطبيق القضائي والتنفيذي له،
ولكن ينبغي ان يًنظر الى القانون كمجموعة متكاملة ويُنظر الى المجتمع كمنظومة نظرة
شمولية وقانون العقوبات هو الحل النهائي لمعالجة الظاهرة وليس كل الحل لا أن
يُنظر الى قانون العقوبات بانه الحل الكلي لمعالجة الظاهرة الاجتماعية.
ثالثا: ان جريمة
التحرش الجنسي مدار هذه الندوة وفي اطار الحديث عن منظومتنا القانونية العراقية يختلف
اسمها القانوني ومفهومها القانوني عن المفهوم المتداول اجتماعيا واعلاميا مما ولد
نوع من الخلط لدى الدراسات غير القانونية حيث اعتمدت هذه التسمية أي تسمية (التحرش
الجنسي) ليُقصد بها (الفعل المخل بالحياء) أو (هتك العرض) وغيرها من الجرائم ذات
الطابع غير الأخلاقي واخذت تسمية (التحرش الجنسي) تطلق في الأوساط الاكاديمية
والبحثية غير القانونية ليُقصد بها جريمة الفعل الفاضح، أو تُعتمد هذه التسمية من
قبل الباحثين القانونيين تماشيا مع ما هو سائد في الوسط المجتمعي ويتناولون عند
الدراسة ما تناولته المواد 400 ، 401، 402 من قانون العقوبات العراقي ، في حين ان
جريمة التحرش الجنسي تم ذكرها صراحة في قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015 ،
وبذلك فان الجريمة الأخيرة المذكورة يختلف مفهومها من حيث أركانها والمصلحة
المحمية فيها.
رابعا: ان اختلاف التسمية
القانونية للجريمة عن المفهوم السائد يؤدي الى اضعاف فكرة الردع الاجتماعي لاسيما
الردع العام.
خامسا: نظم قانون
العمل جريمة التحرش الجنسي في المادة العاشرة منه بنصها في الفقرة الثالثة : (ويُقصد
بالتحرش الجنسي : أي سلوك جسدي أو شفهي ذو طبيعة جنسية أو أي سلوك اخر يستند الى
الجنس ويمس كرامة النساء والرجال ويكون غير مرغوب وغير معقول ومهينا لمن يتلقاه
ويؤدي الى رفض أي شخص أو عدم خضوعه لهذا السلوك، صراحة أو ضمنا لاتخاذ قرار يؤثر
على وظيفته).
سادسا: ان المصلحة المحمية في جريمة التحرش الجنسي هو خلو بيئة العمل بالدرجة الأولى من
خلال توفير (بيئة عمل خالية من التحرش) كما نصت عليها الفقرة د من المادة 41 من
قانون العمل العراقي النافذ.
اما بشان اركان الجريمة فبالإضافة الى ضرورة توفر أركانها العامة
ينبغي مراعاة أركانها الخاصة والتي تتمثل بصفة الجاني (ان يكون صاحب العمل)
والمجني عليه (العامل) في اطار الحديث عن مفهومها في قانون العمل.
Comments
Post a Comment
يرجى مشاركة ارائكم ومقترحاتكم